الصحافة

باخرة النيترات لماذا سكت المالك وتكلّم القبطان؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ملف التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت متهمان وشاهدان روسيان: إيغور غريتشوشكين، "المالك المفترض" للباخرة "روسوس" التي نقلت 2750 طنًا من نيترات الأمونيوم، والقبطان بوريس بروكوشيف. شخصيّتان غامضتان من المفترض أنهما تملكان الكثير من الأسرار التي تحوم حول عملية تفجير المرفأ لجهة تحديد هوية الجهة التي اشترت النيترات وموّلت ونقلت الحمولة إلى بيروت. ولكن فيما يلوذ المالك بالصمت يُكثِر القبطان من الكلام.

بعد حصول عملية تفحير المرفأ في 4 آب 2020 برزت فجأة المعلومات المتعلّقة بهذه القضية والتي لا يمكن أن تتوفر بسهولة وبهذه السرعة. كأن هناك جهات كانت تعرف ماذا يخبّئ العنبر رقم 12 الذي انفجر وفجّر بيروت منذ دخلت تلك الباخرة إلى المرفأ في تشرين الثاني 2013، وبادرت إلى ضخ هذه المعلومات ثم سكتت. بعد ستة أعوام ونصف من الصمت انفجر بركان الكلام والمعلومات، ليبرز بعدها السؤال: من قذف بكل تلك المعلومات إلى العلن دفعة واحدة؟ ولماذا تُرِك للقضاء ولأجهزة المعلومات والتحقيق في لبنان وحدها أن يكتشفوا ألغاز هذه القضية التي توزعت بين روسيا وجورجيا وموزبيق وتركيا واليونان وإسرائيل وأميركا وسوريا وإيران؟

اعتقال المالك

في منتصف أيلول الماضي، بعد خمسة أعوام على حصول الانفجار قفز إلى الواجهة مجدّدًا اسم المالك المفترض للسفينة "روسوس" الروسي إيغور غريتشوشكين عندما اعتقلته السلطات البلغارية في المطار نظرًا لوجود مذكرة توقيف صادرة عن الأنتربول الدولي تنفيذًا لمذكرة صادرة عن القضاء اللبناني. عندما حصل الانفجار في مرفأ بيروت كان غريتشوشكين في قبرص. قيل وقتها إنه يحمل الجنسيتين الروسية والقبرصية. وقيل أيضًا إنه ليس المالك الحقيقي للسفينة وقد يكون استأجرها من مالكها الأصلي أو إنه يعمل كواجهة لهذا المالك المفترض وهو قبرصي اسمه كارالامبوس مانولي. وقد ظهرت بعد التفجير وثائق بقيت ملتبسة تربط بين الرجلين في موضوع تشغيل الباخرة.

بعد التفجير حققت السلطات القبرصية مع غريتشوشكين. وحضر التحقيق محققون مكلفون من القضاء اللبناني من شعبة المعلومات ووُزعت صورة له على دراجة نارية وهو يضع نظارات سوداء. بعد اعتقاله وُزعت صورة له موقوفًا في بلغاريا بين رجال أمن بلغار. فجأة برزت مسألة تمكين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من التحقيق معه بالإضافة إلى التسريع في تقديم طلب تسليمه إلى لبنان.

تحرير القاضي البيطار

منذ تفجير المرفأ بقي الغموض يلف هذه الشخصية المحورية في القضية. لم يكشف بوضوح عن محضر التحقيق القبرصي معه أو عن الجدية فيه وعن الفترة التي بقي فيها موقوفًا ولماذا لم تُنفذ قبرص في حال كان بقي فيها مذكرة التوقيف الصادرة عن السلطات اللبنانية القضائية والمعممة بواسطة الأنتربول ولماذا لم تسلمه إلى لبنان وكيف سمحت له بالسفر؟ المفترض أن هذا التحقيق حصل قبل تعيين القاضي فادي صوان محققًا عدليًا في القضية قبل أن يقدِّم استقالته أواخر العام 2020 بعد تلقيه تهديدات مباشرة بذلك على أثر استدعاء عدد من المسؤولين المشتبه بهم في لبنان.

لم تستجب بلغاريا لطلب لبنان تسليم غريتشوشكين بحجّة أنه قد يواجه حكم الإعدام. وحتى عندما أعطيت تطمينات بأنه لن يحكم بالإعدام ظلّت ترفض وسمحت بالتحقيق معه هناك بعد تمديد فترة توقيفه. كان على لبنان أن يستغلّ الفرصة للبت بمسألة قرار منع المحقق العدلي طارق البيطار من السفر حتى لا تضيع فرصة استجواب غريتشوشكين وتضيع معه ثروة المعلومات المتوقعة. بعد بت هذه المسألة توجّه البيطار إلى بلغاريا الأربعاء 17 كانون الأول 2025 لكي يُسمح له في اليوم التالي بطرح الأسئلة عليه أمام القضاء البلغاري. ولكن تبدّدت كل التوقعات بإمكانية أن يقدّم غريتشوشكين أي معلومات يمكن أن تفتح التحقيق على آفاق جديدة. ذلك أنه لاذ بالصمت ورفض الإجابة على الأسئلة التي وجّهها إليه البيطار.

القبطان يظهر ويحاول التضليل

في اليوم المحدّد لهذا الاستجواب، وبعده بأيام، برزت تصريحات مفاجئة لقبطان السفينة روسوس بوريس بروكوشيف لم يكسر فيها صمته كما قيل، لأنّه كان كسر هذا الصمت بعد يوم واحد من الانفجار الكبير. ولكن السؤال كان لماذا اختار أن يتكلّم في اليوم نفسه الذي كان سيحقق فيه البيطار مع مالك السفينة الذي اختار الصمت؟

بروكوشيف أراد أن يُلقي المسؤولية على السلطات اللبنانية التي سمحت ببقاء النيترات في العنبر رقم 12 من العام 2013 حتى انفجارها في 4 آب 2020. وحاول أن يُبعد عنه المسؤولية من خلال التأكيد أنه أبلغ السلطات الرسمية في مرفأ بيروت بأن تخزين هذه الشحنة يشكّل خطرًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن التوقف في بيروت كان اضطراريًا لأن الشحنة بدأت تشكّل خطرًا على سلامة السفينة نفسها وأن الجهات الرسمية في بيروت هي من قامت بتفريغ الشحنة، وأبدى استغرابه الشديد من إفراغها داخل المرفأ بدلًا من وضعها على عربات شحن لنقلها إلى خارج المرفأ فورًا وأضاف أن المسؤولية القانونية والأخلاقية تقع بالدرجة الأولى على من احتفظ بهذه المواد الخطرة وخزنها طوال هذه السنوات، وأكّد أن السفينة لم تكن تقصد بيروت كوجهة نهائية، بل كانت متجهة أصلاً إلى موزمبيق.

لماذا اختار المالك هذا القبطان؟

يبدو القبطان بروكوشيف وكأنه المجرم الذي يحوم حول موقع الجريمة. بعد الانفجار خرج بتصريحات على وسائل إعلام محلية ودولية ليقول إنه تفاجأ ببقاء النيترات في المرفأ كل هذه المدة. بروكوشيف كان احتُجز بقرار قضائي على متن الباخرة عدة أشهر قبل أن يُطلق سراحه بغطاء قضائي أيضًا. ولكن سبب الحجز لم يكن متعلّقًا بمسألة نقل النيترات القابل للانفجار بل بمتوجبات مالية على السفينة. وهو قال لاحقًا إنه باع نفطًا من مخزون السفينة ليدفع تكاليف مكتب المحاماة الذي توكّل عنه.

لماذا يعمل بروكوشيف على نفي التهمة عنه؟ ولماذا أصلًا لم تعتقله السلطات الروسية التي يحمل جنسيّتها وتحقق معه أو تسلّمه إلى لبنان؟ فهو بحسب المعلومات التي انتشرت بعد التفجبر قال إنه كان يعرف مالك السفينة إيغور غريتشوشكين، وإنه عمل على متنها في رحلات سابقة عندما سئل عن سبب اختياره ليحلّ محل الطاقم الأول الذي قاد الباخرة من مرفأ باتومي في جورجيا إلى أحد المرافئ في تركيا. ولكنه لم يقل مثلًا لماذا تخلّى هذا الطاقم عن المهمة وهو كان يعرف أنها خطيرة لأن النيترات كانت قابلة للانفجار. وهل الخلاف كان على المال فقط أم على شأن آخر متعلق بتوجيه الباخرة نحو بيروت بدل التوجه إلى موزمبيق؟ وهل وافق على تولّي هذه المهمة لقاء مليون دولار كما قال في تصريحات سابقة بعد التفجير؟ ولماذا لم يقبض أي مبلغ مسبقًا؟ وهل قيادة الباخرة إلى موزمبيق تكلف مليون دولار؟ وأي مالك باخرة يمكن أن يدفع مثل هذا المبلغ لنقل حمولة 2750 طنًا من النيترات من تركيا إلى موزمبيق افتراضًا أنها كانت الوجهة الحقيقية للباخرة؟ وكيف انتهى محتجزًا على متن الباخرة في مرفأ بيروت لا يملك ثمن الطعام مع من تبقى معه من أفراد الطاقم ولم يجب على الأسئلة عن سبب انقطاع التواص

شريكان في المسؤولية

المالك والقبطان شريكان في المسؤولية. فهل كانا يعرفان أن هذه الكمية من النيترات ستحطّ في مرفأ بيروت؟ وهل كان الرهان على كنز معلومات يمكن سحبه من المالك من خلال التحقيق معه في بلغاريا ساقطًا من الأساس؟ وهل شكّل صمته خيبة أمل للقاضي البيطار؟ وهل تعتبر مسألة تخلّيه عن الباخرة وتركها تغرق في مياه البحر بمثابة تأكيد أنه ليس المالك الحقيقي لها؟ وبالتالي هل يكون هذا التخلّي قرينة للإدانة تشبه تخلّي أصحاب النيترات الإفتراضيين عنها، بحيث تصبح مسألة استخدام الباخرة "روسوس" في هذه العملية كأنها عملية قرصنة في مهمة واحدة تنتهي بإغراقها في البحر وإغراق القضية والملف معها؟ أم أن البيطار سينجح في تعويم هذه القضية ويكشف الحقيقة ويدّعي ويتهم في القرار الإتهامي الذي ينتظر العالم منه أن يصدره؟

نجم الهاشم - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا