مصادر ديبلوماسية مراقبة لمفاوضات "الميكانيزم": كيف تتقدّم في ظلّ الهيمنة الإسرائيلية؟
تسليم الضباط المنشقين عن نظام الأسد أولوية و"الأجهزة" تنكر معرفتها...سلّموا تسلَم العلاقات!
في كل مرة يزور فيها وفد أمني سوري لبنان يتصدّر مطلب تسليم الضباط السوريين المنشقين عن نظام الأسد الذين فروا إلى لبنان جدول المباحثات...وخلال الزيارة الأخيرة التي التقى فيها الوفد الأمني السوري نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، جدد الوفد مطلبه لكن الأجوبة اقتصرت على الوعود علما أن رئيس الجمهورية جوزاف عون، أعطى توجيهاته لاستكمال دراسة الملفات المتعلقة بالموقوفين السوريين المحتجزين في السجون اللبنانية، تمهيدًا لإمكانية التوصل إلى اتفاق رسمي مع دمشق حول تسليمهم. وتركّز البحث على الإطار القانوني المناسب الذي يسمح بترتيب هذه العملية، ودراسة الصيغ التي تحترم المعايير القانونية اللبنانية، خصوصًا استثناء القضايا المتعلقة بالإرهاب والاغتصاب والاعتداءات على الجيش اللبناني من أي عملية نقل محتملة. إلا أن المداولات الحالية لا تعني تنفيذًا فوريًا للتسليم، بل تندرج في نطاق إعداد الاتفاقيات القانونية والإجراءات المناسبة.
ما تمّ الإعلان عنه حتى الآن يبقى في خانة الدراسة والتحضير القانوني، إذ لم يصدر أي قرار نهائي أو إعلان رسمي ببدء تنفيذ تسليم الموقوفين. وتركز النقاشات على كيفية التوفيق بين الالتزامات القانونية اللبنانية وحماية حقوق الموقوفين، والحدّ من أي تداعيات سياسية أو أمنية داخل لبنان.
رئيس برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح يوضح لـ"المركزية" "أن مطلب تسليم الدولة اللبنانية ضباطا سوريين تابعين لنظام بشار الأسد وقد لجأوا إلى لبنان بعد سقوطه، لا يقتصر على الدولة السورية وحدها. هناك دول أجنبية ومنها فرنسا تطالب لبنان تسليمها ضباطا سوريين مطلوبين قضائيا في فرنسا ويكون الجواب بأن "لا نعلم بوجود ضباط سوريين مطلوبين قضائيا من قبل الدولة السورية وأي دولة أخرى في لبنان".
في حين نرى مراسل شبكة "سي إن إن" العالمية يجري مقابلة مع أحد الضباط من فلول نظام الأسد من مكان إقامته. فهل يعقل أن يكون استحوذ المراسل على العنوان من "مجهول"؟.
يضيف صبلوح "إذا سلمنا جدلاً أن الأجهزة الأمنية لا تعلم بمكان وجود هؤلاء الضباط السوريين الذين تسلمت الدولة اللبنانية لائحة بأسمائهم، فهذا يرسم علامة استفهام حول كفاءة هذه الأجهزة علماً أنها كانت تقوم بمهام تسليم ضباط معارضة إلى نظام بشار الأسد ويقوم بإعدامهم أو اعتقالهم في أقبية التعذيب".
ويكشف صبلوح عن معلومات مفادها أن الضباط الموالين لنظام الأسد المتوارين عن الأنظار في لبنان حصلوا على تسويات إقامة رسمية داخل لبنان والدليل الضابط الذي زارته شبكة سي إن إن حيث سأل الضابط المراسل عن كيفية استحواذه على مكان إقامته". مما يعني أن الأجهزة تعلم ولا تزال تتمتع، بثقل داخل مؤسسات الدولة، ما يتيح لهم التأثير في مسار بعض القرارات أو تعطيلها، خصوصًا عندما تمس شخصيات أو ملفات حساسة مرتبطة بالنظام السوري".
من الناحية القانونية، تستند الدولة اللبنانية غالبًا إلى غياب مذكرات توقيف قضائية ملزمة. ففي كثير من الحالات، لا تكون هناك أحكام قضائية نهائية أو مذكرات توقيف دولية صادرة عن جهات معترف بها، بل اتهامات تستند إلى تقارير حقوقية أو مطالبات سياسية. ووفق القانون اللبناني، لا يمكن التسليم إلا ضمن شروط محددة واتفاقات قضائية واضحة، وهو ما تستخدمه السلطات كذريعة قانونية لعدم المضي في هذه الملفات. كذلك، تطرح السلطات اللبنانية مبدأ عدم تسليم أشخاص قد يتعرضون للتعذيب أو التصفية في حال إعادتهم، وهو مبدأ معمول به في القانون الدولي. غير أن منتقدي هذا الطرح يشيرون إلى أن تطبيقه في لبنان يبدو انتقائيًا، ويُستحضر في ملفات معينة دون غيرها، تبعًا للاعتبارات السياسية.
ووفق هذا السياق يوضح صبلوح أن اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقع عليها لبنان تلزمه تسليم أي عنصر أو ضابط ارتكب جرائم تعذيب إلى دولته عند المطالبة به ولا يحق له إنكار معرفته بمكان وجودهم . في الخلاصة، يبقى فتح دمشق مكتبًا في لبنان لدراسة ملفات الضباط المطلوبين احتمالًا نظريًا أكثر منه مشروعًا وشيكًا. فالعقبات السياسية والقانونية والأمنية لا تزال كبيرة، كما أن أي خطوة من هذا النوع ستحتاج إلى توافق لبناني داخلي غير متوافر حتى الآن".
ويختم" لبنان في مأزق، فالدولة السورية ترفض المراجعة في أي ملف قبل معالجة ملف الضباط المنشقين عن نظام الأسد داخل الاراضي اللبنانية، وإذا ما رضخ للضغوط وسلم الضباط فهذا يعني أن الأجهزة ومن يغطيها كانوا على علم بمكان تواجدهم، وإذا لم يسلمهم هناك مشكلة".
وبينما تستمر المطالبات بالمحاسبة وتحقيق العدالة، يبقى هذا الملف عالقًا في منطقة رمادية، حيث تُقدَّم اعتبارات "الاستقرار" على حساب الحقيقة والمساءلة. وإلى أن تتضح ملامح "سوريا الجديدة" فعليًا، تبقى هذه الملفات عالقة بين مطالب العدالة، وحسابات السياسة، وهواجس الاستقرار في بلدين لم ينجحا بعد في إغلاق صفحات ثقيلة من تاريخهما المشترك.
جوانا فرحات -المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|