إنذار بقصف القصر الجمهوري؟!

ما يمكن، أو ما يفترض استخلاصه من تهديدات المسؤولين "الاسرائيليين" والوسطاء الأميركيين، أن لا ضمانات وأن لا وقف للاغتيالات وللانتهاكات قبل نزع سلاح حزب الله، استطراداً، ازالة كل أثر له في لبنان ان في السلطة التشريعية أو في السلطة التنفيذية. آنذاك تفتح ردهة المفاوضات بين "الأشقاء" اللبنانيين و "الاسرائيليين"، لنثبت لمن يعنييهم الأمر من العرب، أننا جزء من تلك القافلة التي لا ملاذ لها سوى الهيكل.

من تراه يتصور أن مسؤولاً في أحد الأحزاب، وهو بمواصفات الثور، وحتى بقرني الثور، اقترح في لحظة تجلٍّ (حين يتجلّى الثور)، على رئيس الحزب توجيه نداء استغاثة الى دونالد ترامب، من أجل التدخل العسكري لانقاذ مسيحيي لبنان من حزب الله، بعدما لوّح الرئيس الأميركي بارسال جنود المارينز الى نيجيريا، لانقاذ المسيحييين هناك من "بوكو حرام"!

الاقتراح قد يلقى الصدى، ما دام نواب الحزب كغيرهم من الألواح الخشبية الناطقة يهددون علناً وعبر الشاشات، بالشِّرْكة بين الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لاجتثاث حزب اللهوبيئته الحاضنة من لبنان، إن بالابادة الجسدية أو بالترحيل الى الخارج.

هذا مع اعتبار أن بعض تعليقات صحيفة "يسرائيل هيوم"، دأبت على حض الحكومة الاسرائيلية لمد يد العون الى "الحلفاء" في لبنان، من أجل تحريك الشارع ضد الحزب، والى حد اقفال كل الطرقات في وجهه، دون أن يقتصر الحلفاء على فئة واحدة. ولكن ماذا يمكن أن يحدث، حين تلتقي جحافل ايال زامير مع فصائل مرهف أبو قصرة على الأرض اللبنانية ؟ لا مشكلة، الشمال لدمشق والجنوب لأورشليم. ما تبقى من المناطق كانتونات طائفية بادارة الكوندومينيوم السوري ـ "الاسرائيلي" (أم الكوندومينيوم التركي ـ "الاسرائيلي"؟

ولكن هل يعتقد أحد من لوردات الطوائف، أن لبنان سيبقى في هذه الحال على الخريطة؟ الثابت أن في رأس الرئيس الأميركي صورة معينة عن لبنان، (صورة بيفرلي هيلز أم صورة لاس فيغاس الشرق الأوسط، كما هي غزة ريفييرا الشرق الأوسط ؟). سبق وقلنا إن كلام توم براك حول الحاقنا ببلاد الشام لم يكن هفوة فرويدية، بعدما تردد أنها فكرة احدى الدول العربية، التي ترى أن الصيغة اللبنانية الراهنة قد انتهت، ويقتضي التوصل الى صيغة بديلة، على كل براك اعتبر أن خارطة "سايكس ـ بيكو" شاخت، وسقطت بمرور الزمن.

لكن الرجل ذهب الى أبعد من ذلك، حين وصف الدولة اللبنانية بالدولة الفاشلة. وهذه هي حقيقة غير قابلة للجدل، كما لو أن الولايات المتحدة تجيز قيام دولة عربية، تستطيع التفاعل مع ديناميات القرن. أجل دولة فاشلة، والى حدود اللادولة، ما دامت مفاتيح القوة في أيدي ذلك النوع من الزعماء، الذين اما أنهم خرجوا للتو من سراويل القرن التاسع عشر، أو أنهم خرجوا للتو من أحد أبواب جهنم. عادة ما مصير الدولة الفاشلة مثل ليبيا أو الصومال أو السودان، إما تفكيكها قطعة قطعة، وتوزيعها اقليمياً ودولياً قطعة قطعة، أو الدخول في غياهب النسيان...

هذا، على كل حال ليس بالبعيد عن ثقافتنا "الوطنية"، لمن يذكر كيف كانت تقطع الرؤوس بالفؤوس، وكيف كان أبو عرب يعرض جماجم ضحاياه على عربة الخضر. لا تظنوا اننا أقل وحشية من قبائل الجنجويد، أو من جنود الدعم السريع في دارفور، ومن وحشية اشقائنا في الدين في الساحل، وفي السويداء.

هذا مع دعوتنا حزب الله كحركة مقاومة للمغول الجدد، الى وقف أصحاب الأصوات الفارغة التي تلعلع عبر الشاشات دفاعاً عنه، وهو البعيد عن ثقافة الكراهية والاثارة. باختصار لم يعد صراع الديكة على الشاشات، بل إنه صراع الغربان...

كل هذا في ظل التهديدات الاسرائيلية وعلى مدار الساعة، مع ادراكنا التام لما يجول في رؤوس أركان الائتلاف بالحمولة "التوراتية" و"التلمودية". نعود مرة أخرى الى ما ورد في المزمور 29 (ترجمة اليسوعية) "صوت الرب يحطم الأرز... صوت الرب يحطم أرز لبنان... يجل لبنان يقفز قفز العجل... وسريون ـ جبل الشيخ ـ يثب وثوب ولد الثور".

لا نتصور أن دونالد ترامب، بشخصية شايلوك، ضنين بالمسيحي الأسود في نيجيريا. هو ضنين فقط بالنفط والغاز، مع وجود تأكيدات بوجود كميات هائلة من المعادن النادرة هناك، وان كانت "الايكونوميست" قد لاحظت استحالة استحداث طريق الى المعادن بين "تلك الأدغال البشرية"، حيث التوترات القبلية والاتنية في ذروتها.

يسرائيل كاتس الذي دعا الى تسريع عملية نزع سلاح"حزب اللهالذي "يلعب بالنار"، هدد بـ"تعميق تنفيذ الحد الأقصى من الاجراءات في لبنان"، وأتهم الرئيس جوزف عون بممارسة سياسة المماطلة، كما لو أنه يهدد بقصف القصر الجمهوري في بعبدا، على غرار قصف قصر الشعب في قاسيون.

بيد أن مسؤولاً اسرائيليا كشف لقناة "العربية" ان مصر دخلت على خط الوساطة لمنع التصعيد في لبنان، قال "لقد أوصلنا برسالة أننا قد نقصف الضاحية، اذا لم ينزع سلاح حزب الله". معلوماتنا تتحدث عن خطوات ديبلوماسية هامة في الأيام المقبلة، قدِ توقف التهويل بالأهوال...

نبيه البرجي -الديار