الرئيس عون عرض مع سيمون كرم عمل لجنة "الميكانيزم" والتحضيرات لاجتماعها المقبل
"الصدام المؤجل".. تشدّد حزب الله يضع لبنان أمام مواجهة مفتوحة مطلع 2026
مع اقتراب نهاية العام، يدخل لبنان مرحلة شديدة الحساسية عنوانها "الصدام المؤجل" حول السلاح شمال نهر الليطاني، في وقت تتكثف فيه الاتصالات الدولية والإقليمية لمنع انهيار اتفاق وقف النار، وسط تحذيرات متزايدة من أن تصلب ميليشيا حزب الله قد يدفع البلاد إلى مواجهة مفتوحة، لا مع إسرائيل فقط، بل مع محيطها الدولي أيضا.
تقول مصادر سياسية وأمنية لبنانية رفيعة لـ"إرم نيوز" إن مطلع العام الجديد لن يكون امتدادا هادئا لما سبقه، بل بداية مرحلة اختبار قاسية، تُقاس فيها قدرة الدولة اللبنانية على فرض مسارها، في مقابل إصرار حزب الله على تعطيل أي خطوة لا تنطلق من شروطه الكاملة، ولو على حساب تعريض لبنان لمخاطر عسكرية واقتصادية متصاعدة.
قاسم يحسم.. ويضع الدولة في الزاوية
لم تُقرأ كلمة الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في الأوساط الرسمية بوصفها موقفا دفاعيا فقط، بل باعتبارها إعلانا صريحا لإقفال باب التسويات الداخلية، ونسفا عمليا لأي محاولة لبنانية للانتقال إلى "المرحلة الثانية" من خطة حصر السلاح شمال الليطاني.
وترى مصادر حكومية أن عبارة قاسم "لا تطلبوا منا شيئاً بعد الآن" لا تعبر فقط عن رفض سياسي، بل عن قرار واضح بتحميل الدولة وحدها كلفة أي تصعيد مقبل، سواء كان إسرائيليا أو دوليا، عبر تعطيل أي مسار تفاوضي لا يلبي شروط الحزب كاملة.
وتضيف هذه المصادر أن الحزب، من خلال ربط أي خطوة لبنانية بوقف كامل للاعتداءات الإسرائيلية، يضع معادلة شبه مستحيلة التنفيذ في المدى المنظور، ما يعني عمليا إبقاء الوضع على حافة الانفجار، مع تحميل الحكومة والجيش مسؤولية إدارة أزمة لا يملكان أدوات حسمها.
"تحييد لبنان".. خطاب يصطدم بالوقائع
في المقابل، يصر رئيس الجمهورية جوزيف عون على التمسك بخطاب "تحييد لبنان عن شبح الحرب"، معتبرا أن المسار السياسي والعسكري الحالي كفيل بإبعاد المواجهة الشاملة. غير أن مصادر سياسية لبنانية تحدثت إلى "إرم نيوز"، اعتبرت أن هذا التحييد لا يزال هشا، ومشروطا بسلوك طرفين لا يقدمان حتى الآن إشارات مطمئنة، وهما حزب الله وإسرائيل.
وتحذر مصادر أمنية لبنانية من أن إسرائيل لا تتعامل مع اتفاق وقف النار كمرجعية ملزمة، لكنها في الوقت نفسه تجد في تصلب حزب الله ذريعة جاهزة لتبرير استمرار الضربات وتوسيع نطاقها، خاصةً إذا ظهر لبنان عاجزا عن تنفيذ التزاماته المعلنة.
في هذا السياق، يرى الباحث السياسي مازن بلال أن مفهوم تحييد لبنان لا يزال أقرب إلى توصيف سياسي منه إلى واقع أمني مستقر، مشيرا إلى أن إسرائيل تاريخيا تستخدم فترات التهدئة لإعادة اختبار الخصم لا لتكريس الاستقرار. ويضيف بلال أن غياب التزام إسرائيلي واضح يقوض أي حديث عن تحييد فعلي، من دون أن يذهب إلى تبرير تعطيل الدولة اللبنانية لمساراتها الداخلية.
القاهرة تتحرك.. والحزب يعطل
تنقل المصادر السياسية عن دبلوماسيين عرب في بيروت، أن التحرك المصري الأخير باتجاه لبنان، جاء في سياق محاولة تحصين وقف النار في لبنان، خشية ارتداد أي انفجار جديد على غزة وعلى الأمن القومي المصري. وتشير المصادر إلى أن القاهرة طرحت، مقاربة تدريجية تبدأ بخطوات شمال الليطاني تمهيدا لتفاهمات لاحقة.
غير أن رفض حزب الله لهذه الطروحات واعتبارها "هدايا لإسرائيل"، يضع - بحسب هذه المصادر - علامات استفهام حول استعداد الحزب لتحمّل تبعات تعطيل المسار الدبلوماسي الوحيد المتاح حاليا.
وتضيف هذه المصادر أن الحزب لا يكتفي برفض المبادرات، بل يسهم عمليا في تقويض موقع الدولة اللبنانية التفاوضي، عبر الظهور بمظهر الطرف الذي يملك حق الفيتو على أي خطوة، من دون أن يقدم بديلا واقعيا يحمي البلاد من التصعيد.
2026.. كلفة التعنت ترتفع
على المستوى الداخلي، لا تشير المعطيات إلى أن حزب الله يستعد لمواجهة مباشرة مع الحكومة، لكن مصادر سياسية تحذر من أن إصراره على تعطيل المرحلة الثانية سيؤدي حتما إلى شلل سياسي وأمني، يفتح الباب أمام ضغوط خارجية غير مسبوقة على لبنان، في لحظة اقتصادية شديدة الهشاشة.
وتلفت هذه المصادر إلى أن الحزب، عبر تحميل الدولة مسؤولية أي خطوة، يدفع عمليا باتجاه سيناريو خطِر؛ فإما رضوخ حكومي كامل لشروطه، وإما ترك البلاد مكشوفة أمام تصعيد إسرائيلي لا يملك لبنان أدوات ردعه.
مازن بلال، من جهته، يقدّر أن الحزب لا يسعى إلى حرب شاملة في هذه المرحلة، لكنه يرفع سقف المخاطر عبر سياسة "منع الفرص"، محذراً من أن إسرائيل قد تستثمر هذا الانسداد الداخلي لتوسيع الاستنزاف العسكري، من دون الانجرار إلى حرب شاملة، لكن بكلفة متراكمة على لبنان.
ويخلص بلال إلى أن السنة الجديدة ستفتح على مرحلة "شد حبال" طويلة، لكن مصادر دبلوماسية تضيف أن هذه المرحلة ستكون مختلفة، لأن المجتمع الدولي لن يكتفي هذه المرة بإدارة الأزمة، بل قد ينتقل إلى تحميل المسؤوليات بشكل مباشر، وفي مقدمها الطرف الذي يعطل أي مسار داخلي للحل.
وفق هذه المعطيات، ترى المصادر أن لبنان لم يُحيّد فعليا عن مخاطر الحرب، بل جرى وضعه في منطقة رمادية خطِرة، حيث يصبح أي خطأ في الحسابات - أو أي تعنت إضافي - كفيلا بدفع البلاد إلى مواجهة لا يملك أحد ترف التحكم بمسارها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|