اتفاق أمني لبناني ــ سوري... ودمشق تصفه بـ"أقلّ من المأمول"
عقد الجانبان السوري واللبناني يوم الخميس الفائت في العاصمة اللبنانية بيروت اجتماعا أمنيا رفيع المستوى، وقد ترأس الوفد السوري نائب وزير الداخلية عبد القادر طحان، أما الوفد اللبناني فكان برئاسة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله، وعضوية المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء حسن شقير.
وقد نشر موقع الأمن العام اللبناني على منصة «X» منشورا جاء فيه: «عقد اجتماع في فندق هيلتون - الحبتور سن الفيل بين ضباط من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، مع وفد من ضباط وزارة الداخلية السورية للتنسيق في مجالات أمنية تهم البلدين». وقد أعلن طحان أن «المحادثات الأمنية بين لبنان وسوريا، تأتي استكمالا للقاءات التي بدأت بين الجانبين في المملكة العربية السعودية، وهي تتركز على مكافحة الإرهاب والمخدرات والهجرة». كما شدد المسؤول السوري على أن «أي مشكلة أمنية في لبنان سوف تؤثر في سوريا وبالعكس».
الجدير ذكره في هذا السياق، أن المملكة العربية السعودية كانت قد استضافت ثلاثة لقاءات لبنانية - سورية في غضون الأشهر الستة المنصرمة، كان أولها الاجتماع الذي جرى في جدة أواخر شهر آذار، بين وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة ونظيره اللبناني ميشال منسي، وقد أعقبه اجتماع جرى بالرياض في منتصف شهر تموز، بين وفدين أمنيين رفيعي المستوى. كما التقى وزير الدفاع اللبناني بوزير الخارجية السوري في مدينة العلا السعودية مطلع شهر تشرين الأول الفائت. وقد هدفت تلك الاجتماعات إلى إيجاد تقاربات أكثر عبر الوسيط السعودي، بغرض ضبط التوتر الأمني الذي ساد بين البلدين، بفعل ملفات عديدة منذ سقوط النظام السابق.
يسعى الجانبان السوري واللبناني من خلال لقاءاتهما المتكررة، إلى قيام تعاون وتنسيق بين أجهزتهما ذات الاختصاص، بهدف إيجاد آليات لضبط الأمن، وحماية الاستقرار في المناطق الحدودية التي تشهد نشاطا لشبكات التهريب بشتى أنواعه. ولعل هذه النقطة الأخيرة هي التي تحظى باهتمام الجانب اللبناني بدرجة أكبر من نظيره السوري، حيث تشير التقارير المحلية إلى أن عمليات تهريب البضائع والوقود، تتسبب باستنزاف الاقتصاد اللبناني بملايين الدولارات سنويا، أما تهريب المخدرات والأشخاص فهو يخلّ بالأمن الوطني للبلاد، التي تعيش حالا من الأزمات التي من الصعب تحديد كيف سوف تكون نهاياتها.
ومن المؤكد أن اجتماع الوفدين الأخير يوم الخميس الفائت، كان قد حقق نسبة لا بأس بها من التوافق حول العديد من الملفات المطروحة. ولعل توجه الوفد السوري للقاء وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار، يمثل مؤشرا على ذلك، حيث ذكّر الحجار في نهاية اللقاء بـ«عمق العلاقات اللبنانية - السورية». وقال عن إمكان إبرام اتفاقية أمنية بين لبنان وسوريا «باشرنا خلال الاجتماعات مناقشة كل القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك، وكل ما يهم البلدين سوف نقوم به».
أفاد مصدر أمني سوري رفيع في اتصال مع «الديار» أن السوريين «طرحوا في ذلك الاجتماع العديد من الهواجس، وأبرزها ملف مكافحة تهريب المخدرات من لبنان إلى سوريا»، وأضاف المصدر أنه «جرت مناقشة أفكار تتعلق بتفكيك شبكات المخدرات، التي تنشط على الحدود بين البلدين».
واشار المصدر نفسه الى أن الوفد السوري طالب بـ«تسليم عدد من ضباط وعناصر الجيش السوري السابق، الذين فروا إلى لبنان بعد سقوط نظام الأسد»، وأضاف المصدر أن «الرد اللبناني على هذا الطلب كان دون المأمول»، إذ إن السلطات اللبنانية «تمنعت عن إصدار موقف صريح بهذا الخصوص». لكن مدير الأمن العام اللبناني ذكر إن «الكثير ممن تجري المطالبة بهم، يحملون وثائق إقامة قانونية داخل الأراضي اللبنانية».
وأفاد مصدر سوري آخر في اتصال أيضا مع «الديار»، أن «ملف السجناء السوريين في لبنان لا يزال عالقا، على الرغم من بعض التقدم الذي حصل فيه قبل نحو شهر»، وأضاف المصدر أن «هذا الملف لا يزال هو العقبة الأساسية أمام إبرام اتفاق أوسع، حيث لا يزال لبنان يبدي تحفظا حيال العديد من الأسماء، التي تطالب دمشق بالإفراج عنها».
تبدو التحديات الماثلة أمام استعادة العلاقة ما بين بيروت ودمشق لطبيعتها، التي يجب أن تكون عليها ثقيلة الوطأة، لكن الثابت هو تصميم الطرفين على إعادة صياغة تلك العلاقة على نحو جديد. وهذا يظهر بوضوح من خلال التركيز على الملفات التقنية والإنسانية، بعيدا عن الملفات السياسية، التي يمكن اذا تم التطرق اليها اليوم أن تزيد من ثقل تلك التحديات بدرجة كبيرة.
الاجتماعات اللبنانية - السورية تحظى بدعم وإسناد إقليمي ودولي بارز، وإن إمكان وصولها إلى المرامي المرجوة منها تبقى بحظوظ مرتفعة، حيث يمكن تحقيق تقدم في هذه الملفات، وأن تقود هذه الاجتماعات إلى تهيئة الأرضية المناسبة لإعادة التوازن للعلاقة اللبنانية - السورية، الأمر الذي يمثل اليوم ضرورة قصوى في مشهد إقليمي ودولي حافل بالمتغيرات.
عبد المنعم علي عيسى -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|