الألغام تملأ حقول الجنوب… والخرائط غائبة عن الجيش
من بوابة بنت جبيل إلى تخوم مارون الراس وبليدا وكل الجنوب، يمتدّ الجنوب كأرضٍ تشهد ويلات الحرب والعدوان يومياً.
وهذا "الموت المؤجل" في "حقول العودة"، بسبب ما خلفه العدو من الغام ومفخخات جديدة وذخائر عنقودية تضاف الى ملايين الامتار المربعة الملوثة اصلاً بها ، منذ عدوان العام 2006.
"زيتون مفخخ"
وفي قرية بليدا، يجلس المزارع الحاج حسين قرب حقل الزيتون الذي لم يزره منذ عامٍ كامل. يشير بعصاه إلى تلة صغيرة ويقول: "كانت هذه التلة تعطي خيراً يكفينا سنة، الآن لا نستطيع الاقتراب منها. قبل شهر انفجر جسم غريب بقدم شاب من أبناء القرية… كنا نعتقد أن الحرب انتهت، لكن الموت بقي تحت التراب".
حسين ليس وحده. عشرات المزارعين في قرى بنت جبيل وعيترون ومارون الراس وكفركلا يروون القصص نفسها: حقول ملوّثة، طرقات فرعية مغلقة، ومواسم مؤجلة.
الجيش اللبناني: جهود جبارة
ميدانياً، ومتابعة لجهود الجيش اللبناني في هذا الملف، يكشف "المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، لـ "الديار"، ان "هناك مساحة لا تقل عن 4.6 مليون متر مربع ما زالت ملوثة بالقنابل العنقودية من جراء عدوان العام 2006 وما قبله.
وبحسب المعلومات المتوفرة في قاعدة بيانات المركز اللبناني. إن التلوث الموجود من الحرب الأخيرة بمعظمه ناتج عن قنابل الطيران أو الذخائر التي رماها العدو الإسرائيلي بالإضافة إلى التلوث الناتج عن تطاير الذخائر من المخازن التي تعرضت للقصف. لا إحصاءات دقيقة حتى الساعة لأن العدوان لا يزال مستمراً" .
وعن استئناف العمل لإزالة الالغام، والتعاون بين الجيش اللبناني ومؤسسات تابعة للامم المتحدة وجمعيات غير حكومية رغم استمرار العدوان وخرق العدو الدائم لإطلاق النار منذ 27 تشرين الثاني 2024 ، يكشف المكتب ان "العمل بدأ بعد إنتهاء الحرب مباشرة حيث قامت الفرق بمسح المناطق والمباني المقصوفة. هناك تعاون وثيق بين الجيش والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة. كل العمليات من مسح وتنظيف المناطق الملوثة تتم بالتنسيق مع وحدات الجيش المنتشرة للوقوف على أمن وسلامة العاملين في هذا المجال قبل تنفيذ المهمات".
وعن الإحصاءات عن المقذوفات الصاروخية التي لم تنفجر وفجرها الجيش اللبناني وتلك التي لم تفجر بعد، يؤكد المكتب ان الجيش اللبناني (فوج الهندسة ووحدات الهندسة) قام بمعالجة أو تفجيره في مكانه لأكثر من 300 ألف جسم غير منفجر".
وعن ملف المنازل المدمرة والمفخخة من العدو في القرى الامامية ووعددهاـ وهل حصل الجيش على خرائط للمفخخات والالغام الجديدة من العدو عبر "اليونيفيل"، يكشف المكتب ان الجيش اللبناني لم يحصل على أية خرائط لكنه يقوم بالكشف المستمر على المنازل المدمرة بالتنسيق مع السلطات المحلية واليونيفيل.
"اليونيفيل": عودة حذرة!
وبعد توقف دام نحو عامين بسبب الاشتباكات، استأنفت «اليونيفيل» في أيلول 2025 عمليات نزع الألغام الإنسانية، بدءاً من حقول قرب مارون الراس وبليدا.
ويؤكد مسؤول أممي لـ "الديار"، أن العمل يتمّ وفق "خطة مشتركة مع الجيش اللبناني" وأنه «لا يمكن تطهير الجنوب كاملاً إلا خلال ثلاث إلى خمس سنوات في حال استقرار الأوضاع الأمنية وتوفر التمويل".
الجريمة المستمرة
وبحسب تقارير منظمات دولية مثل «هيومن رايتس ووتش» و«MAG» و«UNMAS»، استخدم العدو خلال عدوان العام 2024 ذخائر عنقودية أميركية الصنع في مناطق مأهولة بالمدنيين، في انتهاكٍ واضح للقانون الدولي الإنساني.
وتضيف التقارير ان "خلال الهجوم الإسرائيلي الكبير على جنوب لبنان في خريف 2024 وما تلاه حتى وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، تعرّضت مساحات واسعة لأشكال من القصف الجوي والبرّي، ما خلّف كميات كبيرة من ذخائر عنقودية، ذخائر جوّالة غير منفجرة (UXO)، ألغام محلية/مزرعية، ومخاطر متفجّرات مُركّبة وعبوات مُلغّمة. هذا التلوّث يعيق عودة النازحين، يهدد الزراعة والطرق، ويؤدّي لحوادث وإصابات بين المدنيين".
ولبنان الذي صادق على معاهدة حظر الذخائر العنقودية عام 2010، يواجه اليوم مسؤولية مضاعفة: المطالبة بالتعويض والمساءلة، وحماية المدنيين من بقايا حربٍ لم تُغلق ملفاتها بعد.
أهم المناطق المتأثرة
وتلفت التقارير الى ان المناطق الحدودية الجنوبية (قضاء حاصبيا، بنت جبيل، مرجعيون، القلمون الشرقي/الغربي وغيرها) وقرى مثل مارون الراس، بليدا، كفركلا، وأطراف بلديات على الخط الأزرق تعرضت لأضرار شديدة ووجود ذخائر خطرة. العديد من السكان لا يزالون مشردين أو متخوّفين من العودة.
علي ضاحي - "الديار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|