الصحافة

عطية "يستولي" على موظّفي الوزارات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن تفصيلاً أن تمرّر الحكومة، في جلستها الخميس الماضي، مرسوماً ينقل عشرين موظّفاً من ملاكات بعض الإدارات العامة إلى ملاك التفتيش المركزي، وهو ما حاول رئيس التفتيش المركزي جورج عطية تمريره في أكثر من جلسة سابقة من دون نجاح، بسبب اعتراض عدد من الوزراء على تفريغ الإدارات من موظفيها لصالح حشو التفتيش. فما الذي تغيّر أخيراً؟

تقول مصادر وزارية، إن رئيس الجمهورية جوزيف عون تدخّل شخصياً لعرض البند من خارج جدول الأعمال بناءً على طلب عطية، وعمل على تمريره بسلاسة تامة، فلم يصدر أي صوت اعتراض داخل الحكومة، بل وافق كل الوزراء على مضض.

وقد اختار عطية الموظفين المحظيين الذين انتقلوا إلى «جنة» التفتيش المركزي بنفسه، وبعناية فائقة، بعد جولة على كلّ الإدارات لجمع لائحة الأسماء التي يرغب بها، من العناصر ذوي الكفاءة في إداراتهم، وممّن يستعدّون اليوم لترك وظائفهم في وزارات التربية والصناعة والشباب والرياضة والعدل والداخلية وإدارتَي الإحصاء المركزي والأبحاث والتوجيه، للاتحاق بمهامّهم الجديدة.

ويبدو من لائحة الأسماء أن عطية عمد إلى انتقاء غالبية مسيحية، في حين يمنع توظيف عشرات الناجحين في الخدمة المدنية منذ عام 2017 بطريقة مخالِفة للقانون، فقط لأن غالبيتهم من الطائفة الإسلامية. وبدل الاستعانة بالناجحين الذين ينتظرون منذ 5 سنوات (تاريخ صدور قرار إلحاقهم) إنصافهم لسدّ الثغرات في إدارته، اختار الاستمرار في نهج الإقصاء الطائفي، حتى لو كان الثمن تدمير بقية الإدارات وتفريغها، لبناء إمبراطوريته الخاصة وتعزيزها بعناصر يدينون بالولاء له.

هذا «الإنجاز» يحمل بصمات رئيس أحد أهم الأجهزة الرقابية في الدولة، المُكلّف بمراقبة حسن سير العمل في المؤسسات العامة والبلديات وتأدية دور إصلاحي عام. لكن من يُفترض به قمع المخالفات ومحاسبة المرتكبين، هو نفسه من يمارس هذه الارتكابات منذ ثمانية أعوام، فيما لم تسجّل «إمبراطوريته» خلال تلك السنوات أيّ مخالفة في أيّ إدارة، ولم ترصد أيّ تقصير أو فساد في أيّ بلدية.

في الأصل، عُيّن عطية رئيساً للتفتيش في عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. لكنّه سرعان ما خرج من تحت عباءة الرئاسة وبات أكبر من أن يُساءل بعد «لجوئه» إلى السفارة البريطانية التي تولّت حمايته وضخّ الأموال إلى إدارته من دون المرور بالدولة، مقابل تسليم رئيس التفتيش كل مفاتيح الإدارات وبيانات المواطنين لبريطانيا التي أصبح رجلها الأول في لبنان.

حتى عندما حاول رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي محاسبته على تلقّي هبة بقيمة 3 ملايين دولار من السفارة البريطانية، وفق مذكّرة تفاهم فردية بينه وبين السفير إيان كولار، وصل الملف إلى ديوان المحاسبة الذي استدعاه مرات عدة دون أن يحضر، قبل أن يُوضَّب الملف في أدراج السياسة.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، تمّ تشكيل وفد من السفراء الأجانب، على رأسهم البريطاني، لتأنيب ميقاتي على «فعلته» تلك. وسريعاً، رضخ ميقاتي والديوان وكل الدولة، فمُدّدت مذكّرة التفاهم مع شركة «سايرن» البريطانية، وهي المذكّرة التي «تعرّي» اللبنانيين وتضع كل معلوماتهم الخاصة على منصة Impact مقابل حفنة من الدولارات. بل ذهب عطية حدّ السماح لمهندسي الشركة بإدارة المنصة من داخل التفتيش، بحيث أُسقطت كل سبل الحماية، وباتوا يتحكّمون بالمنصة وما تحتويه بمفردهم. ولاحقاً، عُمّمت المنصة على الوزارات والمؤسسات، ليصبح البلد بأسره مكشوفاً أمنياً وسيبرانياً.

بعدها، انتقل عطية إلى محاولة ربط المنصة بعملية التحوّل الرقمي، التي تُعتمد حصرياً لتكوين قاعدة بيانات رقمية شاملة للدولة، وبات أخيراً يلعب دوراً رئيسياً في مشروع الأمم المتحدة لـ«التمكين البلدي»، عبر تسجيل الاستمارات الخاصة في منصة Impact بهدف «تعزيز قدرة البلديات والمجتمعات المضيفة للنازحين السوريين على الصّمود على المدى الطّويل».

والحديث هنا يتعلّق بـ«تعرية» من نوع آخر، عبر استخدام البلديات لجمع المعلومات وإجراء مسح شامل لعدد السكان في كل بلدة، وطبيعة السكان من حيث الجنسيات والفئات العمرية والجندر (ذكور/إناث).

ولأن عطية متعدّد المواهب والنشاطات، استطاع التحايل على جميع «مشاريع» التعيينات التي أجراها رئيس الجمهورية، واستبدال الموظفين الذين تحوم حولهم شبهات بآخرين، ولا سيما من الذين عيّنهم الرئيس السابق ميشال عون. وشهدت إدارات القصر وبعض المناصب تغييرات مهمة في هذا السياق، حيث تمّ استبدال الولاءات السابقة بأخرى… إلا أن جورج عطية بقي صامداً في وجه كل العواصف والتغييرات والعهود والحكومات، الأمر الذي يثير بحدّ ذاته التساؤلات!

رلى ابراهيم -الاخبار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا