الصحافة

هل تقرع إسرائيل فعلاً طبول الحرب أم تمارس التهويل كورقة ضغط؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شهد هذا الأسبوع وتيرة متزايدة من الغارات الإسرائيلية التي تؤشر إلى أن تل أبيب تعمل على ضرب أي مسعى للتهدئة أو التفكير في إلزامها بتنفيذ ما التزمت به في اتفاق وقف الأعمال العدائية. وشكّل تحليق المسيّرات فوق المقار الرئاسية بما فيها القصر الجمهوري ثم استهداف الجرود الشرقية والغربية للبقاع الشمالي والهرمل بعد استهداف منشآت مدنية وصناعية في المصيلح، رسالة سياسية أمنية لمن يعنيهم الأمر، خصوصاً أنها أعقبت جولة الرئيس الجديد للجنة «الميكانيزم»، الجنرال الأمريكي جوزف كليرفيلد على الرؤساء الثلاثة، وعرضه لهم جدول أعمال اللجنة للمرحلة المقبلة وآليات عملها، مؤكداً أن اجتماعاتها ستكون دورية.
وإذا كانت الدولة اللبنانية عاتبة على لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية لأنها لا تؤدي الدور المنوط بها في لجم الإعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، فإن الاجتماع المقبل للجنة ستشارك فيه مبدئياً الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس وستؤكد ضرورة التزام لبنان تطبيق قرار وقف النار كاملاً، بانسحاب «حزب الله» من منطقة جنوب الليطاني وتسليم سلاحه للدولة اللبنانية ووقف أنشطته العسكرية كافة، تفادياً لأي عمل عسكري إسرائيلي محتمل.
وهكذا يرتفع مستوى التهويل الذي تقوده إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة من أن تأخر لبنان عن الانخراط في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل قد يدفع رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو إلى تصعيد عسكري بحجة أن «حزب الله» يعيد بناء قدراته العسكرية، وهذا ما لا تنفيه قيادة «الحزب» التي تؤكد تعافي المقاومة وبقائها كنقطة قوة للدفاع عن لبنان.
ويسود خلاف في وجهات النظر حول موضوع التفاوض مع إسرائيل، إذ إن الثنائي الشيعي يرفض أي توجه نحو مفاوضات مباشرة مع تل أبيب، ويرى ضرورة حصر الأمر بلجنة «الميكانيزم» التي تضم ضباطاً عسكريين يمثلون الجانب اللبناني والجانب الإسرائيلي وكلاً من الأمم المتحدة والولايات المتحدة. وقد عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري بوضوح عن هذا الموقف، بعدما إتهم إسرائيل برفض التجاوب مع مقترح أمريكي طرحه الموفد توم براك يقضي بإطلاق مسار تفاوضي يبدأ بوقف العمليات العسكرية لمدة شهرين وينتهي بانسحاب اسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق مسار لترسيم الحدود وترتيبات أمنية. فيما «حزب الله» استهجن «الترويج الإعلامي والسياسي للمفاوضات المباشرة مع العدو ولنغمة السلام».
أما رئيسا الجمهورية والحكومة جوزف عون ونواف سلام، وإن لم يطرحا موضوع التفاوض على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، إلا أنهما يميلان لبدء مسار التفاوض من دون تحديد آليته بعد، ويتخوّفان من الرسائل التحذيرية التي تتبلغها الدولة اللبنانية أن لبنان يقف على أبواب مرحلة خطرة، وبأن إسرائيل لن تبقى مكتوفة اليدين أمام ما تعتبره تقصيراً في عملية نزع سلاح «حزب الله» على كل الأراضي اللبنانية.
وكانت قراءة توم براك للوضع اللبناني شديدة الوضوح لجهة تحذيره من عواقب وخيمة ومن تصرف إسرائيل من جانب واحد إذا استمرت بيروت في التردد، وهو لم يكتف بذلك وبما أثاره موقفه من عاصفة، بل عاد ليستذكر تفجير مقر مشاة البحرية الأمريكية في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1983، في توقيت حمل علامات استفهام حول مغزاه، خصوصاً أنه أرفق هذا الاستذكار بدعوة إلى تعلّم «الدرس وعدم تكرار أمريكا أخطاء الماضي».
وما لبث براك أن أطلق رسائله حتى تم الإعلان عن مناورات عسكرية إسرائيلية على الحدود الشمالية، وحتى دعا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أيال زامير، خلال إشرافه على هذه المناورات إلى «رفع الجاهزية والاستعداد للحرب في جميع القطاعات».
وتعكس هذه المعطيات اندفاعة إسرائيلية نحو قرع طبول الحرب، وما توسيع رقعة الغارات وتزايد تحليق المسيّرات إلا مقدمات تمهيدية لمفاجآت أمنية قد يشهدها لبنان. فمشهد الحل السياسي مقفل، ومسار التفاوض غير مفتوح. والأنظار مشدودة لمرحلة ما بعد رفض تل أبيب المقترح الأمريكي الذي سُحب من التداول في الوقت الراهن في انتظار تبلور فكرة التفاوض بين الرؤساء الثلاثة في لبنان.
يعزو البعض أحد أسباب الانهيار في لبنان إلى غياب الوضوح السياسي واعتماد اللغة الملتبسة والمتناقضة. وهذا ما حصل بعد حرب تموز/يوليو 2006 عندما بدأ التشاطر في تطبيق القرار 1701 وأوصل البلد إلى ما وصل إليه. ولعل قراءة البعض حالياً للوضع اللبناني التي تستبعد أي انزلاق لحرب جديدة تشبه قراءته السابقة بعد انخراط «حزب الله» في «حرب إسناد غزة» حيث ساد اعتقاد أن الأمور لن تخرج عن إطار قواعد الاشتباك التي رسمها «الحزب» ولن تذهب إلى حرب واسعة، فجاءت الوقائع لتثبت العكس. فهل يتكرر السيناريو وتخرج الأمور عن السيطرة مرة جديدة إلى مواجهة واسعة أم أن إسرائيل مرتاحة إلى إطلاق يدها العسكرية في الأجواء اللبنانية وإلى استهدافها مَن تشاء ساعة تشاء؟

سعد الياس - القدس العربي

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا