الصحافة

الأمير "أبو عمر" دبّر التمديد لدريان!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ توقيف مصطفى الحسيان، الذي انتحل على مدار سنوات شخصية أمير سعودي باسم «أبو عمر»، يتكشّف مسلسل الفضائح يوماً بعد آخر، عن لائحة طويلة من الأسماء التي نجح في استدراجها وإيقاعها في فخه.

لكن «أبو عمر»، على ما يبدو، لم يكتفِ بـ«اصطياد» الشخصيات السياسية والطامحين إلى النيابة والوزارة من أصحاب رؤوس الأموال، بل امتد نفوذه إلى دار الفتوى والمحكمة الشرعية، مستفيداً من علاقات الشيخ خلدون عريمط الواسعة مع المشايخ والمسؤولين في الدار والقضاة، وصولاً إلى رأس الهرم، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي تربطه بالشيخ العكاري علاقة تاريخية تعود إلى أيام توليهما مراكز في الدار عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد.

وكأنه لم يكن ينقص مؤسّسات دار الفتوى ومحاكمها، التي تعاني أصلاً من تفشّي الفساد والمحسوبيات، إلّا «أبو عمر» الذي تمكّن بسهولة، وبتوجيه من عريمط، من الوصول إلى الملفّات التي «تبيض ذهباً»! وكانت العبارة السحرية، «هذه رغبة المملكة»، تكفي لـ«فكّ مشانق» وإغلاق ملفات، وحتى قلب الحقائق، داخل المحكمة الشرعية في بيروت، والتي تمكّن «أبو عمر» من اختراقها و«نخرها»، بعدما غرّر برئيس المحاكم الشرعية الشيخ محمد عسّاف، وأوهمه بأن الرياض ترى فيه خليفة لمفتي الجمهورية.

وتشير مصادر مطلعة إلى أنّ الأمير الوهمي كان وراء «ضبضبة» عدد من الملفات، بالتعاون مع دار الفتوى وبعض القضاة الذين لا يمكنهم معارضة «الإيعاز السعودي». ومن أبرز هذه القضايا ملف وقف البر والإحسان، بعدما أصدر قاضي بيروت الشرعي الشيخ وائل شبارو، بناء على استدعاء تقدّم به ناشطون عام 2023 للتحقيق في أعمال مجلس أمناء وقف البر والإحسان والمؤسسات التابعة له، قراراً بتعيين ناظر حسبة على الوقف والتحقق من المخالفات وكفّ يد مجلس الأمناء الذي يرأسه النائب السابق عمّار حوري.

يومها، عمد القاضي عبد الرحمن الحلّو، الذي تربطه علاقة بعريمط، وبعدما تلقّى وعوداً من «أبو عمر» بأن يخلف عسّاف في رئاسة المحاكم، إلى اقتحام مكتب شبارو وسحب الملف منه وأسهم في طيّه. وتؤكّد المصادر أنّ عريمط التقى آنذاك شخصيّات سياسيّة وحذّرها من التدخّل في الملفّ أو تغطية الناشطين الذين تقدّموا بالاستدعاء لتفادي «غضب المملكة»! ويتردد أن «ثمن» إقفال هذا الملف كان 250 ألف دولار تقاضاها «أبو عمر» ومشغّله من مجلس الأمناء.

التمديد لدريان

غير أن الأخطر يبقى الدور الذي لعبه الأمير الوهمي في تمديد ولاية مفتي الجمهورية في أيلول 2023. إذ تؤكّد شخصيّات معنيّة بملفّ دار الفتوى أنها كانت قد سمعت كلاماً واضحاً من مسؤولي السفارة السعوديّة بأنّ المملكة لم تتدخّل في هذا الملفّ، فلم تسوّق للتمديد ولم تعمل لمنعه.

لذلك، ومنذ انكشاف «لعبة» الأمير الوهمي، عملت على جمع الخيوط والأدلّة التي كشفت أنّ عريمط هو من أقنع عدداً من أعضاء «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» بحضور جلسة التمديد (بعضهم كان موجوداً خارج لبنان) لتنفيذ «الرغبة السعوديّة» بالتمديد لدريان. أمّا من أصرّ على عدم الحضور بسبب المخالفات القانونيّة التي شابت الجلسة، فكان اتصال مباشر من «الأمير» كفيلاً بإحضاره! كذلك حرّض «أبو عمر» المؤسسة الدينية على اتخاذ إجراءات «تأديبيّة» ضد قضاة طعنوا في التمديد.

وأشارت المصادر إلى أنّ بعض المشاركين في «طبخة» التمديد التي حصلت بين ليلة وضحاها، وقبل انتهاء ولاية «المجلس الشرعي» السابق بأيّام قليلة، كانوا من المقرّبين من عريمط، لافتة إلى التزام دار الفتوى الصمت المريب تجاه ملفّ «أبو عمر» وعريمط الذي لم يوفّرها في مؤتمره الصحافي الأخير!

والأكثر إثارة للجدل، كما تتابع الشخصيات المعنية، هو تدخل «أبو عمر» في انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، واختيار بعض الأعضاء الذين يعينهم المفتي قانوناً، بل ووردت معلومات عن دفع أحد المرشحين من منطقة حاصبيا - مرجعيون مبلغاً للأمير المزعوم مقابل الفوز بمقعد في المجلس الذي كان عريمط يُعدّه ليكون طيّعاً بين يديه، ويمكن للمفتي التأثير فيه وفي قراراته.

كما يقول مرشحون لانتخابات مفتي المناطق الأخيرة إن أموالاً دُفعت وتدخّلات حصلت لترجيح كفة مرشح على آخر، تبين لاحقاً أن «أبو عمر» كان خلفها، أيضاً.
كل ذلك يثير تساؤلات جدية عن سطوة الأمير الوهمي على المرجعية الدينية ومؤسساتها من دون حسيب أو رقيب، والعلاقة التي تربط دريان بعريمط، ليقود الأخير معركة التمديد مخالفاً القوانين المرعية، ومتجاهلاً حتى الموقف السعودي الحقيقي من الموضوع، وصولاً إلى السؤال الأهم: كيف يمكن لمرجعية دينية ومؤسسة قضائية أن تُسيّر بأوامر عبر الهاتف من «أمير» مزعوم؟

200 دولار مقابل كلّ اتصال!

أشارت مصادر متابعة لملفّ التحقيق مع مصطفى الحسيان الذي انتحل صفة الأمير السعودي «أبو عمر» أنّ الموقوف اعترف بأنّه كان يتقاضى بين 200 و300 دولار عن كلّ اتصالٍ يقوم به بإحدى الشخصيّات، بطلب من الشيخ خلدون عريمط الذي استفاد وحده على ما يبدو من الأموال الطائلة التي دفعها السياسيون والطامحون.

حدارة يدّعي على عريمط

علمت «الأخبار» أن رجل الأعمال أحمد حدارة، تقدّم أمس بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، حملت الرقم 3176 ضد الشيخ خلدون عريمط بجرم الاحتيال وكلّ من يُظهِره التحقيق فاعلاً. وتردّد أن اسم الموقوف مصطفى الحسيان غاب عن الشكوى التي تضمّنت اسم محمد خلدون عريمط.

وبحسب المصادر، فقد مارست دار الفتوى ضغوطاً على حدارة لثنْيه عن تقديم الشكوى بحق عريمط، إلّا أن رجل الأعمال العكاري الموجود في الإمارات أصرّ على تقديمها بواسطة وكيله، «لأننا لم نعد نستطيع السكوت بسبب مُحاولات عريمط استباق الإجراءات للتهرّب من المحاسبة، بينما نعلم تماماً أنه متورّط ولا سيما أننا نعرف جزءاً من التحقيقات فيما الجزء الآخر تقوم به مديرية المخابرات في الجيش»، على ما قالت أوساط حدارة لـ«الأخبار».

واستناداً إلى هذه الشكوى، من المُفترض أن تسلك قضيّة الأمير السعودي المزعوم «أبو عمر» خطاً تصاعدياً، سيبدأ حكماً باستدعاء النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي يشرف على التحقيقات، لعريمط بغية الاستماع إلى إفادته ليقرّر على ضوئها أمر توقيفه من عدمه.

لينا فخر الدين -الاخبار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا