ليكن "حصر السلاح" إنجازاً لبنانياً لا أميركياً ولا إسرائيلياً
ترامب لا يستبعد ضرب "حزب الله" والدولة صامتة بعد تخوين قاسم
في فلوريدا، شكل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محطة مفصلية لتعزيز رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد. ولدى سؤاله هل على إسرائيل أن تهاجم “حزب الله” بعدما حصل إخفاق في اتفاق وقف الأعمال العدائية؟ قال ترامب: “سنرى ذلك، الحكومة اللبنانية في وضع غير موآتٍ بعض الشيء، و”حزب الله” يتصرف بشكل سيئ، سنرى ماذا سيحدث”. ومن الواضح إصرار نتنياهو على تسديد ضربة كبرى لإيران وأذرعها، وفي طليعتها “حزب الله”.
إصرار تعزز بمواقف أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، المتصلبة حيال استكمال خطة حصر السلاح بيد الدولة، وكأن “الحزب” يختار، مرة جديدة، رفع سقف التحدي ما يضاعف المخاوف من أن يدفع لبنان ثمن هذا العناد، أمنيًا وعسكريًا، في مرحلة هي الأخطر منذ “اتفاق الطائف”.
صمت الدولة
أربع وعشرون ساعة مرت على تخوين صريح وجّهه قاسم إلى قلب السلطة التنفيذية، من دون أن يصدر عن الدولة أي موقف، لا توضيح ولا اعتراض ولا حتى تسجيل تحفظ. تخوين بلغ حدّ اتهام كل من يطالب بحصرية السلاح هو بخدمة إسرائيل، في بلد يعرف القاصي والداني أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يقفان في مقدِّم المطالبين بحصر السلاح بيد الدولة، باعتباره ركنًا سياديًا لا شعارًا سياسيًا.
حين يقول الشيخ قاسم إن “نزع السلاح مشروع أميركي – إسرائيلي حتى لو سُمّي بحصرية السلاح”، فهو لا يطلق موقفًا عابرًا في سجال داخلي، بل يوجّه طعنة مباشرة إلى الشرعية الدستورية، ويضع رأس الدولة وحكومتها عمليًا في خانة الاتهام السياسي والوطني. ومع ذلك، اختارت الدولة الصمت. صمتٌ فاضح، لا سيما إذا ما قورن بسرعة صدور مواقف رسمية حازمة في مناسبات أقل شأنًا، وعلى خلفيات سياسية أدنى خطورة.
توازيًا، أبلغت أوساط سياسية بارزة واكبت أعمال القمة الأميركية الإسرائيلية “نداء الوطن” أن عام 2026 سيكون استمرارًا للعام 2025 لجهة أن إسرائيل لن توقف استهدافاتها لـ “حزب الله”. وحذرت من أن تصح مقولة المبعوث الأميركي توم برّاك من أن لبنان دولة فاشلة لا تريد أن تبسط سيطرتها. ورأت أن على الحكم أن يستفيد من ضعف “حزب الله” لاتخاذ مبادرات سيادية.
وعلى الرغم من كل التحذيرات، واصل الوزير طارق متري مسلسل هرتقاطه معتبرًا أن مسألة السلاح تحل بالتراضي وأن أسباب المعترضين على مشروع قانون الفجوة المالية سياسية. ما استدعى ردًا من عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم سائلًا: “لِمَ أقدَمَ هو ومن يشاركه الرأي إلى مواقع المسؤولية، ما دام لا استعداد لديهم لتحمّل مسؤولية إعادة بناء الدولة وتحريرها من الدويلة ومن الفاسدين”؟
وفي السياق، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أن “حزب الله” هو أكبر مصيبة في تاريخ لبنان الحديث، لأنه عطّل قيام الدولة، وخنق الحياة السياسية، وأوصل البلاد إلى الانهيار الشامل.
التوازن في الالتزامات
وفي انتظار ما سيفيض عن مقررات فلوريدا، وما إذا كانت ستُترجم على الأرض نارًا أو تفاوضًا، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون رئيس الوفد اللبناني في لجنة “الميكانيزم”، السفير السابق سيمون كرم، حيث جرى البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر في السابع من كانون الثاني المقبل. اجتماع يأتي عشية تقديم الجيش اللبناني تقريره إلى مجلس الوزراء، الذي سيُعلن فيه، مبدئيًا، انتهاء عملية حصر السلاح جنوب الليطاني.
وأشارت مصادر لـ “نداء الوطن” إلى أن السفير كرم سيعرض صورة متكاملة عن وفائه بالتزاماته من خلال أداء الجيش وانتشاره وتنفيذ ما هو مطلوب منه وفق الاتفاقية، على أن يُصار في المقابل إلى وضع الجانب الإسرائيلي أمام مسؤولياته الكاملة، انطلاقًا من مبدأ التوازن في الالتزامات، باعتبار أن لبنان ينتظر الخطوة الإسرائيلية المقابلة التي يفترض أن تترجم عمليًا بوقف الخروقات واستكمال الانسحاب من المناطق المحتلة.
وسيسبق اجتماع السابع من كانون الثاني جهد لبناني مكثف على المستوى الرئاسي لوضع الدول المعنية بالميكانيزم، أمام حقيقة الوضع الميداني والخطوات الجدية التي قام بها لبنان، مع التأكيد أن أي مسار مستدام للاستقرار يفترض، في الحد الأدنى، احترام مبدأ “الخطوة مقابل خطوة” بما يضمن عدم تحميل طرف واحد أعباء الاتفاق فيما يتنصل الطرف الآخر من موجباته.
وفي هذا السياق، لم تكن إشادة رئيس الجمهورية بالمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية مجرد دعم معنوي، بل إعلان موقف سياسي واضح. حين يقول الرئيس عون لقائد الجيش الذي استقبله على رأس وفد من القيادة: “التاريخ أثبت أن الجيش اللبناني أنقذ لبنان عدة مرات وسيثبت المستقبل أن الجيش هو المنقذ الوحيد للبنان لأنه المؤسسة الوحيدة التي تعمل لمصلحته”، فهو يرسم خطًا فاصلًا بين من يحمي الدولة ومن يغامر بها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|