هل حَسم برّي خياره إلى جانب إيران؟
أخطأ الرئيس نبيه بري في مسألتين مؤخرًا: أولاهما ملف انتخابات المغتربين، وثانيهما تحويل الأموال إلى مجلس الجنوب بما يبلغ 88 مليون دولار. ومن هنا، يمكن القول إنه ربما كان من الأفضل على الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام البحث في مداورة الحقيبة السيادية، أي حقيبة وزارة المالية، بدل تركها تحت إدارة الرئيس بري بشكل مطلق. فاليوم، يبقى للرئيس بري تأثير واسع على الملفات المالية والتشريعية والأمنية، ما يجعله لاعبًا مؤثرًا في السياسة اللبنانية.
انتخابات المغتربين: الحجة التي سقطت عمليًا
إحدى هذه الاستحقاقات تتمثل بانتخابات المغتربين. وللمفارقة، تذرّع الثنائي الشيعي بعدم القدرة على القيام بحملات انتخابية في الخارج، في حين أن النائبة والوزيرة السابقة عناية عزالدين زارت الولايات المتحدة والتقت بتجمعات شيعية هناك، ما أسقط هذه الحجة عمليًا.
مجلس الجنوب: أداة سياسية خارج الرقابة
أما الاستحقاق الثاني، فهو تحويل الأموال إلى مجلس الجنوب، وهي أموال تُستخدم لدعم مشاريع محددة في البيئة الشيعية قبيل الانتخابات، من دون أن تكون هناك آلية واضحة للمساءلة. ولا يمكن فصل مجلس الجنوب عن كونه أحد أوجه الدولة الموازية،
علمًا أن أي محاولة جدية لإعادة الإعمار قبل انتهاء الحرب مع إسرائيل تبقى صعبة التطبيق. ويُذكر أن مجلس الجنوب لم يعد مجرد مؤسسة إنمائية، بل أداة سياسية تُدار خارج منطق الرقابة والمسائلة والمحاسبة، وتُستخدم لتعزيز النفوذ داخل البيئة الشيعية وتعزيز الولاءات السياسية، بما يتناقض مع أبسط معايير بناء الدولة.
مصلحة الطائفة أم مصلحة الدولة؟!
ويبدو أن الخدمات السياسية التي يقدمها الرئيس بري لحزب الله ومن خلفه إيران تتعارض أحيانًا مع دعواته لبناء الدولة، وتتعارض مع مصالح الشيعة الحيوية في الوجود في لبنان، وهو أمر يبرز التحديات الواقعية في تحقيق دولة مؤسسات، وإندماج الشيعة في مشروع الدولة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. صحيح أنه لا يمكن نزع صفة الوطنية عن الرئيس بري، ولا إنكار أدواره في حماية الاستقرار وإدارة علاقات لبنان مع الخارج والعالم العربي.
إلا أن مقاربته لبعض الملفات الداخلية ما زالت ترتكز على موازنات طائفية، وتحديدًا تغليب مصالح الطائفة الشيعية على مصالح الدولة والمؤسسات، مما يمكن وصفه بالسلوك المهيمن او الطاغي على المؤسسات، وهو الدور الذي لطالما لعبه في حقبة ماضية إبان صعود محور الممانعة وهيمنته على القرار الوطنين اللبناني، ولكن إلى متى يمكن لعب هذا الدور مع التغيرات والمستجدات الإقليمية التي عصفت بالمنطقة وبلبنان تحديدًا؟! ألا يجب البحث عن أساليب أخرى للتعامل مع الداخل تكون أكثر انفتاحًا نحو بناء الدولة والتطبيق الكامل للمأسسة ووصول الحقوق إلى كل اللبنانيين.
هذا النهج يطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق الالتزام بالدستور والقوانين، وضمان توازن القرار بين مختلف الجهات السياسية. فبينما يبذل جهده في العلاقات الخارجية، وهناك حاجة دولية مستمرة للتحاور معه من قبل المملكة السعودية والفرنسيين والأميركيين، إنما تظهر التحديات في إدارة الملفات الداخلية، وهو ما يعكس الفرق بين الخطاب والممارسة عنده.
فراس حميه -جنوبيه
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|