هل يترجم المجتمع الدولي ترحيبه بقانون "الفجوة المالية" وبأي آلية يمكن دعمه؟
كان متوقعاً أن يدعم المجتمع الدولي مشروع قانون "الانتظام المالي" المعروف بـ "الفجوة المالية"، وان ما صدر من مواقف فورية رحبت بإقراره في الحكومة ما هو سوى بوادر ما سيظهر لاحقا من دعم يتخطى المواقف الأوروبية الأولية ليتحول الى مقدمة لما هو منتظر من مواقف وخطوات دعم.
هذا ما كشفته مصادر ديبلوماسية عليمة لـ "المركزية" فقالت إن المبادرة "الشجاعة" التي أطلقتها الحكومة اللبنانية لا بد ان تلقى التقدير اللازم من قبل المجتمع الدولي الذي نصح منذ فترة طويلة بأن لا بد من اطلاق البرامج الخاصة بالإصلاح المالي والإداري وخصوصا في القطاع المصرفي من اجل ان يعطي لبنان الإشارة التي ينتظرها مقدمة لمجموعة من الإصلاحات المطلوبة والتي لا يمكن توفير الأجواء الملائمة لها قبل أن تنطلق ورشة الإصلاحات المصرفية بالدرجة الأولى، ذلك أنها القناة الأولى الرئيسية التي يمكن أن تشكل معبرا الى باقي الإصلاحات المطلوبة على المستويات كافة.
على هذه الخلفيات - اضافت المصادر عينها - فهم الإصرار الذي عبر عنه رئيس الحكومة نواف سلام بشكل صريح وواضح وجريء، ولا سيما عندما اعترف بأنه لم يقدم الحل المثالي والشافي والكافي لمعالجة آلام اللبنانيين الكبيرة التي يعانون منها منذ سنوات عدة، مضيفاً بأنه لا يمتلك أكثر مما يملكه حتى اليوم ليتقدم بمشروع أكبر مما تم التوصل إليه. وهي خطوة أراد منها رئيس الحكومة والفريق المعاون له أن يكشف هوية فريق جمع من مواقع السلطات التنفيذية والتشريعية من كان يتاجر بحاجات اللبنانيين ومآسيهم وعواطفهم، وقد امعن في محاكاة رغباتهم وجمع من اتقنوا التواطؤ وتبادلوا الخدمات بين من يمثلون القطاعات المرتبطة بالأزمة والمستفيدين منها طيلة السنوات الماضية التي تلت بداية الازمة وتطورها الى الدرجة التي بلغتها ، وهم يعرفون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم إلى درجة كانوا يخشون افتضاحهم.
والى هذه المعطيات التي لا يتجاهلها العارفون بالكثير من الأفكار التي كانت مطروحة بهدف إخفاء المسؤولين الحقيقيين عما وصلت اليه الأمور منذ اللحظة التي تسببت بها قراراتهم وتصرفاتهم بما حصل، وما انتهت اليه في نتائجها على حد سواء الى درجة أمعنوا فيها من خلال سلة من المشاريع لم تر النور، إلى أن جاءت المبادرة الأخيرة التي دفع إليها حاكم المصرف المركزي كريم سعيد نتيجة المشاورات العميقة على أكثر من مستوى بعد معاينة دقيقة للوضع وما بلغته الازمة. وهي عملية استغرقت وقتا بوشر باحتسابه منذ ان تولى مهامه في الحاكمية الى أن لقي من يتجاوب معه في المرحلة الأخيرة، وهو ما عبر عنه رئيس الحكومة من جهة ووزير المالية من جهة أخرى قبل ان تتوسع دائرة التأييد التي وضعت أكثر من مسؤول الى جانبهم، وإن بعضهم ما زال يخفي موقفه الحقيقي في انتظار اللحظة التي يمكنه أن يكشف عن ذلك.
وبناء على ما تقدم من المعطيات المحدودة التي دفعت الى هذه المبادرة ثمة من يعترف ان هناك نوعا من الضمانات الدولية التي يمكن الإفادة منها ان استكمل اللبنانيون معالجة أزمات خطيرة مماثلة تتعدى القطاع المصرفي وتمس مصالح اللبنانيين في قطاعات مختلفة ولا بد من مقاربتها بالجدية المطلوبة لأن في تحقيقها ما قد يؤدي الى تحقيق بعض الرهانات التي بنيت عليها الخطة التي تفرض إجراءات قاسية وجدية لا بد من اتخاذها على مستوى سلطات أخرى لتقوم بدورها في توفير الأجواء السياسية والأمنية التي تعزز ما هو مطروح من خطوات قصيرة ومتوسطة المدى.
ولفتت المصادر إلى أن المجتمع الدولي الذي سيستثمر في مشروع التعافي المالي والمصرفي سيكون واضحا أكثر عند الانتقال الى قطاعات أخرى لا بد من مقاربتها بطريقة مختلفة عن الأسلوب المعتمد الى اليوم. وعلى سبيل المثال لا الحصر لا بد من الإشارة الى بعضها ومنها:
-لا يمكن النظر الى ما تقرر من خطوات طموحة من استباقها باستكمال الخطوات العسكرية والأمنية التي تفرض الإسراع في عملية "حصر السلاح" بالدرجة الأولى وضبط المعابر البرية والبحرية والجوية ووقف كل أشكال التهريب والتهرب الضريبي لفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية ولا سيما الخليجية منها والتي يمكن ان تعزز الدورة المالية والاقتصادية الطبيعية.
- لا يمكن تحقيق أي من الخطوات التي تحدثت عنها الخطة قبل تطبيق القرارات التي اتخذتها النيابة العامة المالية التي ستضغط بطريقة مباشرة في وقت قريب على مهربي الأموال الى الخارج وتطبيق التعليمات التي أعطيت الى المراجع المعنية عبر الاتصال المباشر بمن جمعتهم لائحة إسمية بكل من تمكن من تهريب مئات ملايين الدولارات في التوقيت الذي أقفلت فيه المصارف الطريق أمام مودعين كانوا بحاجة الى مئات منها ربما بهدف الطبابة أو التعليم او لتوفير مقومات عيشهم اليومية.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه المصادر العليمة عن خطوات عملية أخرى قد تتخذ في توقيت دقيق ومبرمج، لفتت إلى أن هناك في المشروع الذي أقرته الحكومة أكثر من خطوة تشكل "قوطبة" فعلية لإجبار المستهدفين من أفراد ومؤسسات على التجاوب مع القرارات القضائية المنتظرة بإعادة أموالهم المهربة إلى لبنان، او تلك التي ستستفيد من اي خطوة عسكرية وأمنية قد تشكل انعكاساتها مساحة انفراج سياسية ومالية تفتح الطريق أمام اجراءات يمكن اتخاذها لتعديل المراحل المقررة لاستعادة نسبة كبيرة من أموال كبار المودعين في مهل قصيرة وربما شكلت في حال توفرها اختصارا لمراحل تحدث عنها مشروع القانون الجديد.
وانطلاقا مما تقدم، عبرت هذه المصادر عن اقتناعها بأن الوقت الفاصل عن إحالة المشروع من الحكومة الى المجلس النيابي قد تتغير مواقف كتل نيابية بنيت على خلفيات شعبوية وسياسية إن ارجئت الانتخابات النيابية، وأخرى سبق لها ان تقدمت بملاحظات علمية وحسابية ودقيقة وبالغة الأهمية في الجلسات الحكومية ويمكن معالجتها عند توفير الأجوبة الشافية على أسئلة منطقية ومشروعة. وقد تتكرر التجارب على مستوى قوى سياسية من المشروع الحكومي التي بدلت مواقفها قبيل الجلسة الحكومية الثالثة من المناقشات وهو امر لن يكون مستحيلا وخصوصا ان توضحت بعض المواقف الإقليمية والدولية الفاعلة ولا سيما تلك التي تبحث عن الآلية الهادفة الى إنعاش الدولة ومؤسساتها وضمان التوصل الى وقف ثابت وشامل لإطلاق النار ينهي مرحلة تجميد العمليات العسكرية وإنهاء وجود السلاح غير الشرعي بأسرع وقت ممكن، لفتح الطريق أمام الانتعاش الاقتصادي والمالي وإعادة الإعمار، وهو ما تعهد به المجتمع الدولي. فهل يصدق ويساعد أهل الحكم في لبنان على تجاوز المطبات التي تعيق بلوغ هذه المرحلة الموعودة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|