هذا ما يعاني منه "حزب الله".. تقريرٌ إسرائيلي يكشف التفاصيل
نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) تقريراً جديداً تحدث فيه عن جبهة لبنان و "حزب الله"، متسائلاً عمَّا إذا كان الوضع في لبنان قد اختلف بعد مرور عامٍ على وقف إطلاق النار بينه وبين
إسرائيل إثر حرب حصلت عام 2024.
التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" يقولُ إنه "بعد مرور عام على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، يشهد المشهد اللبناني تحولاتٍ جذرية، وتنعكس هذه التحولات في موازين القوى الداخلية بين القيادة اللبنانية الجديدة و"حزب الله"، وكذلك في موازين القوى بين الحزب والجيش الإسرائيلي، الذي لم يتراجع عن موقفه ويواصل محاولات إضعاف التنظيم".
وأكمل التقرير: "إلا أن هذه الفرصة للتغيير تتضاءل أمام إصرار "حزب الله" على استعادة قوته، والصعوبات التي تواجه الحكومة اللبنانية، التي لا تزال تعاني من الضعف في سعيها لإجبار الحزب على التخلي عن أسلحته ووضعه المستقل. ونظراً إلى تزايد خطر اندلاع جولة أخرى من القتال بين إسرائيل و"حزب الله"، ينبغي على إسرائيل تعظيم مكاسبها حتى الآن، وتبنّي سياسة تجمع بين استمرار العمليات العسكرية الضرورية والخطوات الديبلوماسية لتعزيز القيادة اللبنانية الحالية".
تغيير في موازين القوى
وتابع التقرير: "لقد هزّت الهزيمة النكراء التي مُني بها "حزب الله" في الحرب ضد إسرائيل أركان النظام اللبناني. وعلى وجه الخصوص، غيّرت هذه الهزيمة موازين القوى السياسية بين مؤيدي الحزب ومعارضيه، مما رفع الآمال في تحسين الوضع المتردي الذي كان يعاني منه لبنان. فحتى قبل استيعاب خسائر الحرب، التي قُدّرت بنحو 11 مليار دولار، كان لبنان يُعتبر دولة فاشلة، غارقة في أزمة اقتصادية عميقة، رهينة لحزب الله وإيران، وعاجزة عن توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها".
وأضاف التقرير: "لقد أتاح انهيار "حزب الله" فرصةً للتغيير في النظام السياسي اللبناني، تمحورت حول ترسيخ قيادة جديدة ظهرت دون موافقة الحزب. يقود هذه القيادة الرئيس اللبناني جوزيف عون ومعهُ رئيس الوزراء نواف سلام، وكلاهما ملتزم بإصلاح الدولة وتعزيز أمن لبنان وسيادته، على عكس أسلافهم الذين كانوا ينتمون إلى النخب التي تملك الثروة والسلطة، والتي كانت تركز بالدرجة الأولى على مصالحها الطائفية والشخصية".
وأكمل التقرير: "لقد تبنّت القيادة اللبنانية الجديدة نهجاً داعماً للإصلاحات وإعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية، إلى جانب تعزيز سيادة لبنان من خلال القضاء على ظاهرة الميليشيات المستقلة في البلاد، وعلى رأسها حزب الله. وفي ما يتعلق بإسرائيل، تشمل المبادئ التوجيهية للحكومة الالتزام بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي كما هو منصوص عليه في اتفاقية الهدنة بين الدولتين في آذار 1949، فضلاً عن إعادة تأكيد اتفاقية وقف إطلاق النار مع إسرائيل اعتباراً من 27 تشرين الثاني 2024، مع ضمان سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده المعترف بها".
ومما جاء في التقرير أيضًا: "مرة أخرى، لم تتبنَّ هذه الحكومة رواية "حزب الله" للمقاومة، ويعكس تشكيلها بوضوح تغير وضع "حزب الله" وتراجع نفوذه. فبينما كان حزب الله في الماضي يسيطر على عملية صنع القرار في لبنان، لا ينتمي إلى الكتلة الشيعية في الحكومة الحالية سوى خمسة وزراء من أصل 24 (اثنان من "حزب الله"، واثنان من حركة "أمل"، ووزير واحد غير منتمٍ للطرفين المذكورين). وفي هذا السياق، فشل "حزب الله" في منع القرار المصيري الذي اتُخذ في اجتماع الحكومة بتاريخ 5 آب بشأن نزع سلاح جميع الميليشيات في البلاد وتسليم الأسلحة إلى القوات المسلحة اللبنانية (أي نزع سلاح "حزب الله")، واكتفى بالتعبير عن احتجاجه بتغيب الوزراء الشيعة عن التصويت".
وتابع التقرير: "إلا أن الحكومة فشلت حتى الآن في تنفيذ هذا القرار بسبب معارضة حزب الله الشديدة. وفي الوقت نفسه، يواصل الحزب ردع القيادة ومعارضيها السياسيين بما تبقى لديه من قوة مسلحة (لم يتردد في استخدامها سابقًا)، لا سيما أنه يلوّح بأن نزع سلاحه بالقوة قد يؤدي إلى حرب أهلية لبنانية أخرى".
ومما جاء في ادعاءات هذا التقرير: "تتفاقم قوة "حزب الله" الرادعة للحكومة بسبب ضعف القوات المسلحة اللبنانية، التي تفتقر إلى القدرة على تنفيذ المهمة الصعبة الموكلة إليها، فضلًا عن النسبة العالية من الجنود الشيعة في صفوفها، والذين ينتمي بعضهم إلى حزب الله. في هذا السياق، امتنعت القيادة اللبنانية (وبالتالي القوات المسلحة اللبنانية أيضاً) عن الدخول في مواجهة عنيفة مع حزب الله، وتسعى بدلاً من ذلك إلى تنفيذ القرار عبر الوسائل الدبلوماسية، التي لا تكفي لتحقيق النتائج المرجوة".
تبعات الحرب
التقرير يقول إن "حزب الله يواجه تبعات الحرب، في حين تتعرض عناصره وأسلحته وبنيته التحتية لهجمات متواصلة من الجيش الإسرائيلي، لا سيما في جنوب لبنان، وكذلك في بيروت والبقاع"، وتابع: "لقد اختار الحزب، في الوقت الراهن، التركيز على إعادة تنظيم قدراته العسكرية والاقتصادية وبنائها بمساعدة إيران. كذلك، تشمل استراتيجية الحزب الجديدة الامتناع عن الرد على غارات الجيش الإسرائيلي، وتكليف الحكومة اللبنانية بمسؤولية إدارة المواجهة مع إسرائيل، مع مطالبتها بالسعي إلى إنهاء الهجمات الإسرائيلية وضمان انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية. مع هذا، يحرص "حزب الله" على تجنب المواجهة العنيفة مع كل من الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية، إلا أنه لا يزال يحتفظ بقدرة ردع تجاه خصومه في الداخل".
وأضاف التقرير: "يضطر "حزب الله" أيضاً إلى مراعاة قيود إضافية. أولاً، فقد توازنه الردعي في مواجهة الجيش الإسرائيلي، الذي شنّ هجمات شبه يومية عليه منذ وقف إطلاق النار. وعلى رغم أن الحزب قد أحرز تقدماً في جهود إعادة الإعمار وحافظ على وجوده في جنوب لبنان - على الرغم من ادعاءات ممثليه بالانسحاب من المنطقة - إلا أنه لم يفعل ذلك بالسرعة التي يطمح إليها. فخلال العام الماضي، شنّ الجيش الإسرائيلي نحو 700 غارة على أهداف تابعة للحزب ، ما أسفر عن مقتل أكثر من 350 عنصراً".
وأضاف: "ثانياً، يفتقر الحزب إلى قيادته السياسية والعسكرية المخضرمة - التي تم القضاء على معظمها خلال الحرب وبعدها - ولا سيما أمينه العام السابق حسن نصرالله. ثالثاً، يكافح حزب الله لتلبية احتياجات مؤيديه الشيعة، وخاصة المتضررين من الحرب، الأمر الذي أدى إلى تراجع الدعم حتى داخل المجتمع الشيعي نفسه. رابعاً، تتزايد الانتقادات بين عامة الشعب اللبناني، نظراً للمسؤولية التي يُنظر إليها على أنها تقع على عاتق "حزب الله" في الوضع المتردي الذي وصل إليه لبنان نتيجةً لأضرار الحرب. خامساً، يتزايد الضغط الخارجي من خارج لبنان (والذي يشمل مؤخراً مصر وقطر) لتهدئة الوضع ومنع تجدد المواجهة، إلى جانب جهود دولية مكثفة لاستهداف مصادر تمويل حزب الله. سادساً، يُمارس ضغط موازٍ على الحكومة اللبنانية من الداخل والخارج، ولا سيما من جانب الولايات المتحدة، للوفاء بالتزامها بنزع سلاح حزب الله".
وختم: "بعد مرور عام على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بات من الواضح وجود تحول في موازين القوى في النظام اللبناني بين معسكر السيادة، بقيادة القيادة الجديدة، ومعسكر المقاومة التابع لحزب الله. ومع ذلك، لم يُحدث هذا التحول تغييراً جوهرياً في مسار لبنان العام. في المقابل، تُعدّ القوات المسلحة اللبنانية حلقةً ضعيفةً بشكل خاص، إذ تعجز عن مواجهة المهمة المعقدة والصعبة المتمثلة في نزع سلاح حزب الله والميليشيات الأخرى. علاوة على ذلك، لا تزال الدولة تُكافح للخروج من أزمتها الاقتصادية العميقة، ويعود ذلك جزئياً إلى فشلها في الوفاء بالالتزامات المفروضة عليها، ليس فقط في ما يتعلق بحزب الله، بل أيضاً فيما يخصّ دفع عجلة الإصلاحات لمعالجة المشكلات المزمنة التي يعاني منها لبنان خصوصاً على صعيد بنيته الطائفية، ونظامه المصرفي، وضعف أداء مؤسسات الدولة، وبنيته التحتية المتهالكة".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|