في برّ الياس.. مطاحن تخلط نشارة الخشب مع الزعتر لزيادة الأرباح
لماذا تهتم مصر بحماية سلاح "الحزب"؟ الجواب اسمه أحمد الشرع
ما يُسوَّق عن جنوب الليطاني ليس أكثر من واجهة لإخفاء حقيقة أعقد بكثير،فالعقدة الحقيقية ليست حدود لبنان، بل أحمد الشرع في دمشق، الذي يغيّر موازين القوة الإقليمية وفي قلب هذا التحرك، تلعب مصر دور المدير الاستراتيجي، توظف سلاح حزب الله بعيدًا عن الأنظار، بينما نواف سلام يتصدر المشهد اللبناني كخصم واضح للحزب ومؤيد ضمني لمسار الشرع.
هذا التقرير يكشف كيف تُدار اللعبة بصمت، وبحنكة سياسية فائقة، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي التقليدي.
ما يحدث اليوم في لبنان وسوريا ليس مجرد حصر للسلاح أو إجراءات شكلية، بل إعادة هندسة استراتيجية للشرق الأوسط، فالإعلان عن قرب إتمام المرحلة الأولى جنوب الليطاني، وفق بيان نواف سلام، يُقدَّم كإنجاز سيادي، لكنه في الواقع خطوة محسوبة ضمن خطة أكبر مفادها إخراج حزب الله من موقع المبادرة إلى موقع الخاضع للتحكم الإقليمي، وإعادة توجيه الأدوار السياسية بما يخدم مصالح اللاعبين الإقليميين.
ومن هنا يمكن القول إن الجنوب لم يُفرغ لأنه خطر انتهى، بل لأنه أصبح عبئًا في لعبة أكبر لإعادة ضبط النفوذ الإقليمي.
في هذا السياق، تكتسب زيارة قائد الجيش اللبناني إلى باريس أهمية قصوى، فهي ليست مجرد جولة بروتوكولية، بل حلقة حاسمة في إعادة تعريف دور المؤسسة العسكرية،فالجيش مطلوب منه ضبط الإيقاع الداخلي دون أن يفتح صدامًا، ويكون أداة بيد اللاعبين الدوليين أكثر منها قوة مستقلة على الأرض.
ولا بد من الإشارة إلى أن الدعم الغربي مشروط بقيود صارمة، وهو ما يفرض على الدولة اللبنانية التحرك ضمن إطار محدد مسبقًا، ما يعكس بوضوح العلاقة بين القوة والسياسة.
ومن زاوية أخرى، تتجلى الأبعاد الإقليمية بشكل أوضح عندما نحلل الدور المصري،القاهرة لا تريد نزع سلاح حزب الله بالكامل، بل إعادة توجيهه بحذر شديد. فالجنوب يُنظف لإرضاء إسرائيل، لكن السلاح يُحافظ عليه كأداة توازن، مع تركيز كامل على سوريا الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
الشرع، بلا وصاية إيرانية مباشرة، وباستقلالية نسبية، يُشكّل تهديدًا لاستقرار الحسابات الإقليمية وبالتالي، القاهرة ترى فيه العقدة الحقيقية، وليس في جنوب لبنان، وتسعى إلى إبقاء الحزب مسلحًا لكن محدود الحركة بحيث يُستعمل للردع فقط وليس للانفلات.
أما نواف سلام، فهو يظهر في الواجهة اللبنانية ليس كشخصية بروتوكولية، بل كخصم سياسي واضح لحزب الله، وداعم ضمني لمسار الشرع،بياناته حول الانتقال للمرحلة الثانية شمال الليطاني ليست مجرد تصريحات رسمية، بل لغة سياسية مضبوطة تهدف إلى ضبط الاعتراض الداخلي وتهيئة الرأي العام للواقع الجديد، ما يوضح تزامن الدور الداخلي مع الرؤية الإقليمية.
في نفس الوقت، تختار إيران استراتيجية الصمت المحسوب،القبول بإخلاء جنوب الليطاني ليس تنازلًا استراتيجيًا، بل إعادة تموضع ضمن معادلة أوسع، حيث تُحفظ أدوات التأثير بعيدًا عن المواجهة المباشرة، في انتظار اللحظة الأكثر ملاءمة.
وبذلك يجد حزب الله نفسه قوة حاضرة بلا حرية قرار، أداة تُدار من بعيد، ورقة ضمن لعبة أكبر، ما يعكس عمق السيطرة الإقليمية على خياراته.
وعندما نلقي الضوء على الدور التركي، يتضح تعقيد المعادلة أكثر فأنقرة لا ترغب في أن يصبح لبنان ساحة نفوذ إيراني كاملة، لكنها تعمل ضمن التسويات التقنية لخفض النفوذ الإيراني ومراقبة ما يجري في سوريا، خصوصًا في مواجهة أي مشروع مستقل يقوده الشرع.
هذا المزيج من الضبط والتحييد يجعل الدور التركي حاسمًا، وإن بدا في الظل، ويضيف طبقة إضافية من التعقيد السياسي إلى المعادلة الإقليمية.
ما يحدث ليس مجرد مواجهة داخلية أو نزاع حول الجنوب، بل مرحلة جديدة لإدارة القوة الإقليمية، حزب الله لا يُزال، بل يُوظف ويُحاصر سياسياً،نواف سلام يتصدر المشهد اللبناني كضابط إيقاع سياسي،أحمد الشرع يمثل العقدة الحقيقية التي تتحرك حولها كل الأوراق ،ومصر تمسك بخيوط اللعبة بخبرة استخباراتية عالية و بتفاوض غير علني مع إسرائيل ضابطة مسار السلاح والتحركات السياسية.
لذا فإن جنوب الليطاني مجرد واجهة، وسوريا هي المسرح الحقيقي، والأطراف تتحرك ضمن شبكة معقدة من التحالفات والضوابط حيث تصبح القوة الحقيقية لمن يقرر متى يُستعمل السلاح، ومن يتحرك أولًا، وكيف يُدار التوتر دون حرب مباشرة..
ديما حسين صلح -جنوبية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|