الصحافة

هل تتمرّد "القوّات" على العهد؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إلى أين يمكن أن يصل الخلاف “القوّاتيّ” مع أركان السلطة السياسيّة؟ المفارقة الأساسيّة التي تحكم هذا التساؤل هو أنّ في محيط رئاسة الجمهوريّة، بعد أسابيع قليلة من إعلان مراسيم الحكومة واحتفاء معراب بـ”وراثتها” المقاعد الوزاريّة من النائب جبران باسيل، بينها حقيبة الخارجيّة “السياديّة”، انبرى مَن يطرح احتمال انسحاب وزراء “القوّات اللبنانيّة” من الحكومة حين يرى سمير جعجع أنّ مصلحة حزبه تقتضي ذلك!

حاول رئيس حزب القوّات أمس بلهجة سياسيّة هادئة حَشْر رئاسة الجمهوريّة في زاوية اعتبرها “المخرج الوحيد” لإنقاذ الانتخابات النيابيّة، وذلك عبر توجيهه رسالة مفتوحة هي الثانية إلى الرئيس عون، بعد “رسالة السلاح”، للطلب منه توجيه رسالة، بحكم صلاحيّاته الدستورية، إلى مجلس النوّاب “يطلب فيها من (برّي) دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيّام لبتّ المشروع المعجّل الوارد من الحكومة”، المتعلّق بتصويت المغتربين من الخارج للنوّاب الـ 128، على أن يكون هذا المشروع جزءاً لا يتجزّأ من الرسالة.

ذهب جعجع أبعد من ذلك باتّهام رئيسَي الجمهوريّة والحكومة بالتواطؤ مع الرئيس برّي لفرض انعقاد جلسة يوم الخميس وإكمال النصاب، “حيث تذكّرت سنوات الترويكا يللي فكّرنا إنّو خلصنا منها”.

رفع جعجع السقف عالياً بوجه الرئاسات الثلاث:

– ضدّ بري، متّهماً إيّاه بتحويل “مجلس النوّاب إلى مزرعة. فهو من يعطّل مجلس النوّاب، ويتلاعب بالقوانين و”يُطَعوجها”، بمنع وصول مشروع الحكومة إلى الهيئة العامّة”، مؤكّداً أنّ “الجميع يشتكي منه ثمّ يسير البعض من هؤلاء بتسويات معه”.

– ضدّ رئيس الحكومة نوّاف سلام “الذي أحترمه، وهو المُنهمك مع حكومته بالتحضير للانتخابات، لكن لم أفهم كيف لم يتوجّه للرئيس برّي ليسأله عن سبب تعطيل إحالة مشروع الحكومة إلى الهيئة العامّة. وكأنّ شيئاً لم يكن”.

– ضدّ رئيس الجمهوريّة بالتأكيد أنّه “مشارك بالتواطؤ. وما حدن رفع إصبعه للاعتراض على الاعوجاج في إدارة مجلس النوّاب. لكن نحن سنحرّك إصبعنا الكبير والصغير والوسطاني حتّى نُصلّح هذا الاعوجاج”.

في الوقائع، انطلق مسار المشاركة “القوّاتيّة” في أولى حكومات العهد من ثلاثة في مستويات متباعدة:

– وهج التبنّي “القوّاتيّ” لانتخاب جوزف عون الذي لم يكن بالتأكيد خيار جعجع لرئاسة الجمهوريّة. ولم تلبث التطوّرات أن كشفت حالة “الحذر الشديد” الذي يطبع العلاقة بين الطرفين، وقادت في العديد من المحطّات جعجع إلى توجيه رسائل قاسية إلى بعبدا، تحديداً في ملفّ نزع سلاح “الحزب”.

– الرهان “القوّاتيّ” على أنّ “إمبراطوريّة” نبيه برّي المتجذّرة في “السيستم” منذ التسعينيّات إلى زوال، بفعل التغييرات الهائلة التي ضربت المنطقة وحليفه “الحزب”. لكن سريعاً استنتجت معراب أنّ التغييرات نفسها التي راهنت عليها لإدخال عين التينة في “عزلة” دوليّة، حوّلت مقرّ الرئاسة الثانية إلى نقطة استقطاب للموفدين الدوليّين والرئاسيّين، وجسر العبور الإلزاميّ لأيّ طروحات خارجيّة مرتبطة بلبنان.

– بَنَت “القوّات” حساباتها منذ انطلاق الحكومة على أنّ نوّاف سلام حليفها الأوّل والثابت، وأنّها أمّ الصبيّ في إيصاله إلى السراي ثمّ انتهى الأمر بتشكّك كبير في العديد من مواقفه وأدائه، وآخرها “سكوته وتفرّجه على مصادرة الرئيس برّي لمشروع الحكومة حول تصويت المغتربين وطمره في جوارير اللجان النيابيّة”، كما تقول مصادر “قوّاتيّة”.

حتّى جلسة 18 كانون الأوّل التي نجح من خلالها الرئيس برّي في كَسر “الحصار” “القوّاتيّ-الكتائبيّ” على المجلس، عبر إكمال نصاب انعقاد الجلسة بتنسيق رئاسيّ ثلاثيّ، كان جعجع يتصرّف على أساس أنّه سجّل هدفاً “ذهبيّاً” في شباك عين التينة بسحب “إمرة قيادة” المجلس من برّي.

دفع هذا الأمر النائب جورج عدوان في جولات سابقة إلى المجاهرة بعبارة “صرتوا تعرفوا الأكثريّة وين”، وانتهى الأمر بعبارة وجّهها نائب حركة أمل علي حسن خليل لعدوان يوم الخميس مفادها: “قلتلّك رح نلتقى”.

قادت مشاركة نوّاب “كتلة الاعتدال” والحزب التقدّمي الاشتراكيّ وتكتّل “لبنان الجديد” ونوّاب مستقلّين إلى إكمال نصاب جلسة بدا أنّ مهمّتها الأساسيّة إقفال محضر جلسة 29 أيلول الذي كان لا يزال مفتوحاً، وإقرار قرض البنك الدوليّ البالغ 250 مليون دولار، وقوانين أخرى منها إعادة إقرار قانون استقلاليّة القضاء العدليّ.

هذا مع العلم أنّ المجلس لم يتمكّن من إقرار كامل بنود جدول الأعمال، بما في ذلك بند اقتراح قانون منح المتضرّرين من الاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، تعليق المهل المُتعلّقة بالحقوق والواجبات الضريبيّة ومعالجة أوضاع وحدات العقارات وأقسامها المُهدّمة المتعلّقة بالهبات. واللافت جدّاً أنّ من بدأ بالخروج من الجلسة بعد إقرار هذه القوانين كان نوّاب “الحزب”، فبادر برّي إلى إقفال المحضر قبل فقدان النصاب.

على أرض الواقع، تلقّت معراب رسالة جامدة بأنّ مشهديّة مجلس النوّاب قلّابة ومتغيّرة، وحفلات “التخوين” لا تصنع أكثريّات غبّ الطلب، بمواجهة “صانع” الأكثريّات والتسويات وحامل مفتاح المجلس على مدى عقود. فيما كان لافتاً حديث محطّة otv التابعة للتيّار الوطنيّ الحرّ عن “عودة التوازن النيابيّ بعد مرحلة من انعدام التوازن بفعل نجاح البعض في تعطيل نصاب الجلسات السابقة”.

بدءاً من بداية العام تُفتتح جلسات مجلس النوّاب لمناقشة موازنة 2026 حصراً، مع العلم أنّ برّي جاهر بأنّ “الموازنة لن تمرّ إذا لم تتضمّن بنداً واضحاً متّصلاً بإعادة الإعمار”. وهو بند خلافيّ بامتياز مع “القوّات اللبنانيّة” أيضاً التي يُجاهر مسؤولوها بأنّه “لا يجوز لمَن دمّر البلد أن تُرصَد له ميزانيّات لإعادة إعمار مناطقه”.

ملاك عقيل- اساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا