سلام مولماً عى شرف مدبولي: نرحّب بالجهود المصرية الرامية إلى احتواء التوتر
"New Year, New Me" شعار يتردد مع بداية كل عام... هل هو قابل للتطبيق؟!
“New Year, New Me” انه الشعار الذي نسمعه من الكثيرين مما يحيطون بنا مع نهاية كل عام، رغبة منهم في التغير نحو الافضل... في الظاهر انها عبارة قصيرة، جذابة، ومشبعة بالأمل. لكنها، في العمق، تطرح سؤالاً أعمق: هل يلتزم من يرفع هذا الشعار بتغيير حقيقي ويضع برنامجا عمليا لذلك؟ أم أن الطبع يغلب دائماً التطبّع، فتتلاشى الاحلام سريعا ويعود الانسان الى مساره الذي انطلق به منذ سنوات؟
هذا الشعار بات عالميا يتردد في كل مكان قبل ان تقلب عقارب الساعة نحو العام الجديد، لكنه في الواقع سلاح ذو حدّين، بحسب علماء النفس.
فمن الناحية النفسية، لا يمكن التقليل من قوة الرمزية التي يحملها العام الجديد. فالبدايات الزمنية تمنح الإنسان شعوراً موقتاً بالسيطرة، وكأنّ التقويم وحده قادر على طيّ الأخطاء وفتح صفحة بيضاء، حيث مع بداية سنة جديدة، يشعر الدماغ بأن صفحة أُقفلت وأخرى فُتحت، ما يعزّز الدافع للتغيير.
غير أن الواقع غالباً ما يكون أقل شاعرية.
وتشير دراسات علم النفس إلى أن الغالبية الساحقة من قرارات رأس السنة تتلاشى خلال أسابيع. ليس لأن الرغبة في التغيير غير صادقة، بل لأن العادات أعمق من النوايا، ولأن ما طُبع في الشخصية عبر سنوات لا يُمحى بشعار موسمي.
من هنا يمكن القول ان New Year, New Me" " يكون ايجابيا، عندما يفهم على أنه تحسين تدريجي لا انقلاب جذري، بمعنى ان تحدد الأهداف الواقعية والقابلة للتحقيق، فيكون التركيز على السلوك لا على جلد الذات، اما الشرط الاساسي فهو عندما يكون التغيير بدافع ذاتي، لا لإرضاء المجتمع أو المقارنات.
في المقابل يتحول هذا الشعار إلى عبء نفسي، عندما يعني ضمنياً أن النسخة الحالية من الفرد غير كافية بالنسبة اليه، فيحمّل نفسه مسؤولية كل فشل متجاهلا الظروف التي مرّ بها، او عندما يقترن بقائمة طويلة من القرارات الصارمة التي تنهار بعد أسابيع، فتولد الإحباط والذنب.
وفي هذا السياق تشير العديد من الأبحاث إلى أن أكثر من 80% من قرارات رأس السنة لا تستمر بعد شهر شباط كونها تعبر عن حماسة هذه الليلة التي تشبه الموجة: قوية في البداية، ثم تنحسر مع أول ضغط أو إحباط، لذا التغيير المستدام يحدث عبر هوية متطورة لا عبر نسخة جديدة وهمية.
على اي حال يبقى الانسان ابن بيئته، ففي مجتمعات تعيش أزمات مزمنة، كما هو حال لبنان، يصبح شعار New Year, New Me أكثر قسوة، اذ انه يحمّل الفرد مسؤولية التغيير، متجاهلاً ثقل الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وكأن الإرادة وحدها قادرة على تجاوز كل شيء.
في الخلاصة، الواقع لا يعني أن التغيير وهم، بل التغيير الحقيقي لا يبدأ برفض الذات الحالية، بل بالتصالح معها. ولا يقوم على انقلاب جذري، بل على خطوات صغيرة، متراكمة، وصبورة.
لذا بدل ان يكون الشعار New Year, New Me ، يمكن اللجوء الى شعارات اكثر واقعية كـ New Year, Better Me او New Year, New Choices، فلا يجوز ان يتحول الأمل إلى ضغط.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|