هل تُعلِن الحكومة جنوب اللّيطاني “خالياً من السّلاح”؟
تُشكّل زيارة وفد السفراء والملحقين العسكريّين وشخصيّات أمنيّة أجنبيّة لجنوب لبنان في الساعات المقبلة “دليلاً” لبنانيّاً إضافيّاً على المدى الذي ذهب إليه لبنان في التزام اتّفاق وقف إطلاق النار، تنفيذ الجيش المهمّة الموكلة إليه والمعاينة الميدانيّة للانتهاكات الإسرائيليّة لهذا الاتّفاق. بالتزامن، لم تهدأ المساعي الدوليّة والعربيّة لإبقاء البركان اللبنانيّ هامداً، مع التركيز الأميركيّ – الإسرائيليّ على الأيّام القليلة الفاصلة عن نهاية المرحلة الأولى من سحب السلاح جنوب الليطاني نهاية العام.
بيت ليف ثمّ يانوح
في 20 تشرين الثاني الماضي، نَشر العدوّ الإسرائيليّ خريطة لـ31 موقعاً في بلدة بيت ليف، بينها منازل مأهولة، يزعم أنّه توجد فيها منشآت وبنى تحتيّة عسكريّة تابعة لـ”الحزب”. لم يوجّه المتحدّث باسم الجيش الإسرائيليّ أفيخاي أدرعي يومها إنذارات بالإخلاء، لكنّ نشر الخريطة كان كافياً لاستنفار الجيش و”الميكانيزم” واشتعال الاتّصالات مع الجانب الإسرائيليّ لـ”توضيح الصورة” على الأرض، بما يدحض مزاعم إسرائيل أنّ هذه “الأهداف” مواقع عسكريّة لـ”الحزب”.
أثبتت المعطيات العسكريّة من جانب الجيش و”اليونيفيل” لاحقاً أنّ جزءاً من هذه المواقع دُمّر بالكامل خلال الحرب، وبعضها مأهول ولا يحتوي أيّ سلاح، ومنازل أخرى غير مأهولة لكن لا تحتوي على سلاح أو ما يُشكّل خطراً على إسرائيل.
بقيت بيت ليف بمنأى عن الضربة الإسرائيليّة، لكنّ تفتيش المنازل والممتلكات الخاصّة لا يزال من المهامّ الحسّاسة جدّاً للجيش الذي أعلن صراحة، لكن من دون بيانات رسميّة صادرة عن قيادة الجيش، أنّه “غير مخوّل دخول الممتلكات الخاصّة إلّا بإذن قضائيّ أو بموافقة أصحاب المنازل”.
لم يكن ما حصل في بلدة يانوح جنوب الليطاني يوم السبت سوى عيّنة إضافيّة من الممارسات الإسرائيليّة المهينة للدولة اللبنانيّة، بكلّ مؤسّساتها وأجهزتها.
حتّى يوم أمس بقي الجيش اللبنانيّ و”اليونيفيل” بحالة استنفار، بعدما هدّد الجيش الإسرائيليّ صباح السبت بقصف مبنى مأهول مؤلّف من ثلاث طبقات في بلدة يانوح بقضاء صور، وذلك بعدما قام الجيش اللبنانيّ، بمواكبة من “اليونيفيل”، بتفتيش محيط المبنى (من دون دخول “اليونيفيل” المبنى) بطلب من لجنة “الميكانيزم”، من دون العثور على أيّ أسلحة فيه أو صواريخ.
بعد مغادرة الجيش، هدّد الجيش الإسرائيليّ باستهداف المبنى مجدّداً، فقام الجيش بدخوله للمرّة الثانية وإعادة التفتيش والتثبّت أنّ الحفرة في أرضيّة المبنى لا تقود إلى مستودع أسلحة، وهي مساحة فراغ بين حائط الدعم وحائط المبنى تبيّن أنّها “ردميّة” موصولة بحائط الدعم، وبعد “نبشها” قادت إلى مساحة من الرمل فقط، فأعلن العدوّ الإسرائيليّ لاحقاً تجميد الغارة مؤقّتاً، وأنّه يراقب الهدف بشكل مستمرّ ويبقى على تواصل مع الآليّة.
جنوب اللّيطاني خالٍ من السّلاح؟
ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها الجيش منازل مدنيّين، ولن تكون الأخيرة، على امتداد بقع “الرصد” الإسرائيليّ جنوباً، وبقاعاً، وفي الضاحية الجنوبيّة.
صدر أمس بيانٌ عن بلديّة يانوح فصّلت فيه أحداث السبت، ودعت “الحكومة والأمم المتّحدة و”اليونيفيل” إلى تحمّل مسؤوليّاتها والضغط على العدوّ لوقف تهديداته الفوريّة لمنازل المدنيّين الآمنين والعمل على توفير الحماية لبلدتنا وأهلنا”، مع توجيه شكر وتقدير للجيش اللبنانيّ.
صدر لاحقاً بيان عن قيادة الجيش أعلنت فيه أنّه “في إطار التنسيق بين المؤسّسة العسكريّة ولجنة الإشراف على اتّفاق وقف الأعمال العدائيّة (Mechanism) وقوّة الأمم المتّحدة المؤقّتة في لبنان – “اليونيفيل”، أجرى الجيش تفتيشاً دقيقاً لأحد المباني في بلدة يانوح بموافقة مالكه، فتبيّن عدم وجود أيّ أسلحة أو ذخائر داخل المبنى”.
لفتت القيادة إلى أنّه “بعدما غادر الجيش المكان، وفي سياق الاعتداءات الإسرائيليّة المتواصلة، وَرَد تهديد بقصف المنزل نفسه، فحضرت على الفور دوريّة من الجيش وأعادت تفتيشه من دون العثور على أيّ أسلحة أو ذخائر، فيما بقيت الدوريّة متمركزة في محيط المنزل منعاً لاستهدافه”.
تكتسب المرحلة المقبلة أهميّة مضاعفة وأكثر حساسيّة ربطاً بعدّة أمور:
– تأكيد مصادر سياسيّة لـ “أساس” صعوبة إعلان الحكومة رسميّاً منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح. إذ يُرجَّح أن تشهد أوّل جلسة لمجلس الوزراء، بداية العام، في ضوء عرض الجيش تقريره الرابع، نقاشاً في الوقت الفعليّ المطلوب لإنهاء المرحلة الأولى من الخطّة، ربطاً باستمرار الاحتلال الإسرائيليّ الذي يعيق انتشار الجيش بالكامل. هذا مع العلم أنّ أوساطاً عسكريّة تؤكّد أنّ “الجيش لن يطلب تمديد المهلة، والحكومة هي التي تصدر القرار السياسيّ بذلك، بعد اطّلاعها على كلّ المعطيات”. فيما تؤكد مصادر مطّلعة أنّ هناك تمديداً للمرحلة الأولى من خطة الجيش في جنوب الليطاني.
– تفيد المعلومات بأنّ بعض الأنفاق التي تمّ العثور عليها جنوب الليطاني، جرى إقفالها بالكامل لتعذّر التعامل اللوجستيّ والهندسيّ معها خلال فترة زمنيّة قصيرة، قد تحتاج ربّما إلى أشهر، وذلك بعلم “اليونيفيل” و”الميكانيزم”، فيما تسنّى للجيش تنظيف أنفاق أخرى بالكامل من الأسلحة. وهذا يعني أنّ الأنفاق “غير المُعالَجة” ستكون لاحقاً موضع “تفتيش” لسحب كلّ السلاح منها.
– تأكيد المصادر السياسيّة نفسها أنّ الكلام الأميركيّ الواضح عن الفصل الإسرائيليّ بين المسار العسكريّ في التعاطي مع نزع سلاح “الحزب” وتدميره، ومسار “الميكانيزم” بعد انضمام عضوين مدنيَّين إليه من لبنان وإسرائيل، يؤسّس لمرحلة لا تخدم أهداف لبنان المتمثّلة في طلب تخفيف الضغط الإسرائيليّ العسكريّ، وصولاً إلى إنهاء الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيليّة للاتّفاق. هذا يعني أنّ عمل الجيش تحت الضغط الإسرائيليّ والاستباحة الإسرائيليّة لكلّ شيء سيكون صعباً جدّاً شمال الليطاني.
– يستعدّ لبنان، في اجتماع “الميكانيزم” الثاني في 19 الجاري، بحضور المفاوض الدبلوماسيّ سيمون كرم، لطرح مسوّدة بندها الأوّل وقف الاعتداءات الإسرائيليّة لبدء التفاوض بعيداً عن لغة النار أو تنفيذ التهديدات برفع مستوى المواجهة مع “الحزب” ولبنان، إضافة إلى تقديم معطيات دقيقة عن عمل الجيش الموثّق جنوب الليطاني، والمطالبة اللبنانيّة ببدء التفاوض في وقف الاعتداءات وبدء الانسحاب الإسرائيليّ، بالتزامن مع إعلان الالتزام اللبناني المستمرّ و”الموثّق” بحصر السلاح بيد الدولة.
– ثمّة رهان لبنانيّ رسميّ على اللقاء المقبل الذي سيجمع رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركيّ دونالد ترامب في البيت الأبيض. هناك اتّصالات لبنانيّة مكثّفة، خصوصاً من جانب رئيس الجمهوريّة جوزف عون، لإيصال “روزنامة” المطالب اللبنانيّة و”تراتبيّتها” إلى طاولة البيت الأبيض عبر السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى ومصر التي يزور رئيس وزرائها مصطفى مدبولي لبنان بعد أيّام، والمبعوث السعودي الأمير يزيد بن فرحان الذي سيزور لبنان خلال الشهر المقبل.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|