لبنان بين ألغام الإملاءات وسندان الحرب: خوف وعجز!
لا يزال لبنان في مدار الخطر. ما من دولة تعهّدت دعمه ومساعدته وفت بتعهّداتها إلّا في الأطر الضيّقة والثانوية. كل ما وُعِد به لبنان ظلّ في حيّز الوعد ولم ينتقل إلى حيّز الفعل، وكل مرّة خالَ فيها أنّ ثغراً ثقبت الجدار المسدود، تبيّن له أنّه في متاهة السراب الخادع.
المجتمع الدولي الذي يُريد كذا وكذا ليساهم في إنقاذ لبنان: هذا هو المطلوب من الجيش، من وزارة المال، من مصرف لبنان، من وزارة الطاقة والمياه، ومن ومن ومن... والدولة تبادر إلى الاسترضاء وتدوير الزوايا لاتقاء الأسوأ، وتتعرّض إلى الانتقادات من جميع الأطراف، من دون أن يعني ذلك شيئاً لعواصم القرار التي تُغنّي على ليلاها من دون أن «تُعبّر» ليلى لبنان. وكأنّ وطن الأرز أضحى ساحة لنزاعات تحبل في الخارج وتضع مولودها المسخ فيه.
السفير المصري، ومن ثم رئيس المخابرات المصرية، أبلغا إلى المسؤولين الكبار عندنا بدءاً من رئيس الجمهورية، معلومات خطيرة، أو على الأقل غير مطمئنة، تكشفت للقاهرة عن نيات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيال لبنان، وإمكان القيام بعمليات عسكرية واسعة لاستئصال «حزب الله»، بذريعة أنّه يُعيد هيكلة بناه العسكرية والأمنية، وأنّ ما تحقق حتى الساعة من تقدّم في منطقة جنوب الليطاني على صعيد جعلها منطقة خالية من أي سلاح غير شرعي، ومن التزام دقيق وواضح بوقف إطلاق النار والعمليات من الجانب اللبناني، واستعداد الدولة الجاد لبتّ موضوع حصر السلاح بيد الشرعية والآليات التي تكفل حصول الأمر بإجماع وطني بعيداً من سلوك سبيل المكاسرة والصدام الداخلي، لا يُعدّ كافياً عند إسرائيل وإدارة الرئيس دونالد ترامب، وهما تضغطان بكل الوسائل السياسية، الإعلامية، المصرفية، والإغاثية، لإخضاع لبنان لإملاءات تل أبيب.
وهما إلى ذلك يستخدمان كثيراً من الأوراق لتحقيق أغراضهما: النجاح في حمل الأمم المتحدة على الاستغناء عن خدمات «اليونيفيل» والتمديد لقواتها في الجنوب لسنة واحدة، في محاولة لحرمان هذه المنطقة من أي مظلة دولية، استبقاء الورقة السورية «بعبعاً» تستخدمه ساعة تشاء لتهديد لبنان من خاصرته الشرقية، وأخيراً - وهذا الأهم - منع إعادة الإعمار في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، وفي حال أعطِيَ الضوء الأخضر لهذا الموضوع، فإنّ هذا الإعمار سيكون وفق المعايير المعمارية التي تتلاءم والمصالح الأمنية للدولة العبرية.
من هنا، يمكن الإستنتاج أنّ لبنان سيبقى غارقاً في أزماته، على رغم من الجهد الكبير الذي يبذله رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في كل اتجاه، والموقف الحكيم لقيادة الجيش في مواجهة محاولات زجّها في أتون لا قدرة لها على الغوص فيه خارج الحدّ الأدنى من التوافق السياسي في البلاد.
لبنان يعيش على حقل الغام، والخوف من انفجارها دفعة واحدة يوازي الخوف من انفجارها الواحد تلو الآخر، فيما لا قدرة لكاسحة الألغام التي وعد بها على الحركة.
هناك، إلى الولايات المتحدة الأميركية، قطبا نزاع إقليمي إسرائيل وإيران، وكلاهما ينتظران اللحظة المؤاتية لحسم النزاع بينهما بالضربة القاضية أو بالنقاط. الاثنان يتحيّنان الظرف والظروف ويُعدّان العدّة لمواجهة يتحسبان لها، ولكن أين؟ وهل يمكن للبنان أن يكون محيّداً عن هذا النزاع؟
ثمة مَن يرى أنّ لبنان قد يكون ذريعة ومنطلقاً لحرب يبادر بها أحد طرفَي النزاع الآخر. وفي اختصار، فإنّ كل السيناريوهات مطروحة، وفي انتظار تبلور أحدها، يبقى المواطن أسير الغموض الذي يلف أداء حكومته، والخوف على مصير الودائع، ويكتوي بنار الرسوم المرتفعة التي تجبيها خزانة الدولة من دون أن يُفيد بما يوازيها من خدمات.
«مرتا.. مرتا... إنك مهتمة بأمور كثيرة...» لكنّ المطلوب في مكان آخر غير الذي يتلهّى فيه السياسيّون.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|